إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-05-2022, 07:20 AM
رضا البطاوى رضا البطاوى غير متواجد حالياً
عضو
 

افتراضي قراءة فى كتاب ارتباط التشريع القرآني بالزمان

قراءة فى كتاب ارتباط التشريع القرآني بالزمان(بعض الأسرار والحكم)
المؤلف عودة عبد عودة عبد الله وهو يدور حول ما سماه أسرار تحديد المدد فى القرآن وفى المقدمة قال :
"مقدمة:
الناظر في القرآن الكريم، يجد أن بعض الأحكام التشريعية جاءت مقترنة بفترات زمنية محددة. ولا شك أن ارتباط هذه الأحكام بهذه الفترات الزمنية دون غيرها، لا بد وأن يكون لحكمة إلهية، فإن النص القرآني بالغ الدقة والإحكام، وهو منزه عن العبثية والفوضى، ولا يمكن أن يرد فيه شيء على سبيل الاتفاق، دون عناية أو قصد.
ويأتي هذا البحث بغرض تدقيق النظر في هذا التحديد الزمني، في محاولة لاستخراج شيء من هذه الحكم والأسرار التي أمكن الوقوف عليها"
واستهل عودة الكتاب بذكر سر مدة الإيلاء فقال :
"أولا: مدة الإيلاء (أربعة أشهر)
قال تعالى: { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم }
المعنى الإجمالي:
يبين الله سبحانه في هذا النص: أنه على الذين يحلفون ألا يقربوا نساءهم بغرض الإضرار بهن، انتظار أربعة أشهر، فإن رجعوا إلى نسائهم، وحنثوا في اليمين أثناء هذه المدة، فإن الله يغفر لهم، وعليهم الكفارة. وإن عزموا على الطلاق؛ فإن الله سميع لحلفهم وطلاقهم، وعليم بنياتهم
والمراد من النص: أن الزوج إذا حلف ألا يقرب زوجته، تنتظره الزوجة مدة أربعة أشهر، فإن عاشرها في المدة فبها ونعمت، ويكون قد حنث في يمينه، وعليه الكفارة، وإن لم يعاشرها يخيره القاضي بين الرجوع فيما حلف عليه، وإلا طلق
السر في تحديد هذه الفترة الزمنية:
حدد هذا النص مدة الإيلاء بأربعة أشهر، فما الحكمة من هذا التحديد؟ وما السر في هذه المدة بالذات؟.
يظهر في هذا التحديد الزمني حفاظ القرآن الكريم على حقوق المرأة، ودفعه للأذى عنها، ذلك أن الرجل في الجاهلية، كان يحلف ألا يمس زوجته السنة والسنتين، بل وأكثر من ذلك، بقصد الإضرار بها وإذلالها، فيتركها كالمعلقة؛ لا هي زوجة ولا هي مطلقة فأراد سبحانه وتعالى بهذا التشريع أن يضع حدا لهذا العمل الضار؛ فوقته بمدة أربعة أشهر، يتروى فيها الرجل، عله يرجع إلى رشده وصوابه؛ وإلا طلق زوجته وبذلك فإن هذا التشريع يصون المرأة عن استعباد الرجل الطائش، ويحميها من أن تبقى رهينة الذل والعبودية والاحتقار.
أما السر في تحديد هذه المدة بأربعة أشهر، فذلك لأن هذه المدة هي غالب ما تستطيع المرأة أن تصبر فيها عن زوجها وقصة عمر بن الخطاب في ذلك مشهورة، حيث روي أنه خرج في المدينة، يتعسس أحوال الرعية ليلا، فسمع امرأة تنشد:
ألا طال هذا الليل واسود جانبه ... وأرقني أن لا حبيب ألاعبه
فوالله لولا الله لا شيء غيره ... لزعزع من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يكفني ... وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
فلما كان من الغد استدعى عمر تلك المرأة، وقال لها: أين زوجك؟ فقالت: بعثت به إلى العراق فاستدعى عددا من النساء فسألهن عن المرأة كم تصبر عن زوجها؟ فقلن: شهرين، ويقل صبرها في ثلاثة أشهر، وينفذ صبرها في أربعة أشهر فجعل عمر مدة غزو الرجل أربعة أشهر، فإذا مضت استرد الغازين ووجه قوما غيرهم"
عندما نراجع الآية لا نرى ذكرا لسبب التشريع فيها فالمذكور هو الرجل وليست المرأة ومن ثم ما ذكره عودة هو استنباط وهو أن أقصى مدة تمتنع فيها المرأة المتزوجة عن الزنى هى أربعة أشهر وهو أمر فيما يبدو صحيح ولكن صبر المرأة عموما خاصة العذروات يكون بالسنوات
ثم حدثنا عن عدة المطلقة فقال :
"ثانيا: عدة المطلقة (ثلاثة قروء)
قال تعالى: { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم }
المعنى الإجمالي:
تبين الآية: أنه يجب على المطلقات المدخول بهن، انتظار مدة ثلاثة أطهار، أو ثلاث حيضات، على خلاف في معنى القرء وأنه لا يجوز لهن أن يخفين ما في أرحامهن، من الأولاد أو دم الحيض، استعجالا في العدة، وإبطالا لحق الزوج في الرجعة.
«إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر» أي إن كن حقا مؤمنات بالله ويخشين عقابه وهذا تهديد لهن حتى يخبرن بالحقيقة، من غير زيادة ولا نقصان
والأزواج أحق بهن في الرجعة، من التزويج للأجانب، إذا لم تنقض عدتهن، وكان الغرض من الرجعة، حسن المعاشرة والإصلاح لا الإضرار وللنساء والرجال حقوقا، الواحد منهم تجاه الآخر، وعليهم وعليهن واجبات، غير أن الرجال لهم عليهن درجة، وذلك في الرياسة، ومسؤولية القيام على المصالح، والإنفاق على الأسرة
السر في تحديد هذه الفترة الزمنية:
الحكمة من تشريع عدة المطلقة، محددة بهذه الفترة الزمنية - ثلاثة قروء- هي: معرفة براءة الرحم من الزوج السابق، وذلك حتى لا تختلط الأنساب، وحتى لا تضيع الحقوق. وهذا أمر متحقق سواء اعتبرنا المراد من القرء الحيضة أو الطهر، فكلا القولين موافق لحكمة التشريع، وعليه فإن الخطب في الخلاف يسير ثم إن في هذه المدة الزمنية، تهيئة فرصة للزوجين لإعادة الحياة الزوجية، إن رأيا أن الخير في ذلك،"فإنه لابد من فترة معقولة، يختبر فيها الزوجان عواطفهما بعد الفرقة، فقد يكون في قلوبهما رمق من ود يستعاد، وعواطف تستجاش، ومعان غلبت عليها نزوة أو غلطة أو كبرياء، فإذا سكن الغضب، وهدأت الشرة، واطمأنت النفس، استصغرت تلك الأسباب التي دفعت إلى الفراق، وبرزت معان أخرى واعتبارات جديدة، وعاودها الحنين إلى استئناف الحياة، أو عاودها التجمل رعاية لواجب من الواجبات. والطلاق أبغض الحلال إلى الله، وهو عملية بتر لا يلجأ إليها إلا حين يخيب كل علاج"
ومن جهة أخرى فإن في ذلك تنويه بفخامة أمر النكاح، فهو أمر لا ينتظم بسهولة، ولا ينفك إلا بانتظار طويل، ولولا ذلك لكان بمنزلة لعب الصبيان، ينعقد ثم يفك بعد لحظات، لأدنى سبب، بل ولمجرد نزوة عابرة. ومن هنا كان الحرص على هذا النظام، فإن حدث حادث يوجب فكه، لم يكن بدون أن يتربص الزوجان مدة يجدان لتربصها بالا، ويقاسيان لها عنا"
والسر الذى اختاره عودة وهو معرفة براءة الرحم من الزوج السابق باطل لأن براءة الرحم تتحقق بحيضة واحدة وليس بثلاث كما أن تحديد عدة المطلقة اليائسة بثلاثة أشهر مثله وهو لا يوجد فيه براءة الرحم ومن ثم يكون السبب أمر أخر وهو والله أعلم :
اعطاء فرصة لعودة الحياة الزوجية من خلال البقاء فى بيت الزوجية تلك المدة
وحدثنا عن عدة ألأرملة فقال :
"ثالثا: عدة المتوفى عنها زوجها (أربعة أشهر وعشرا)
قال تعالى: { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير }
المعنى الإجمالي:
على النساء اللواتي يموت أزواجهن، أن يمكثن في العدة أربعة أشهر وعشرة أيام، حدادا على أزواجهن- وهذا الحكم لغير الحامل، التي سيأتي الكلام على عدتها- فإذا انقضت عدتهن فلا إثم عليكم أيها الأولياء في الإذن لهن بالزواج، وفعل ما أباحه لهن الشرع من الزينة والتعرض للخطاب، فإن الله عليم بجميع أعمالكم ويجازيكم عليها.
السر في تحديد هذه الفترة الزمنية:
روي عن سعيد بن المسيب، وأبي العالية وغيرهما، أن الحكمة في جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا، هي معرفة براءة الرحم من الحمل ويدل عليه ما جاء في الحديث الصحيح: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا يؤمر بأربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه وشقي أو سعيد. ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع، فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار. ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة»
فهذه ثلاثة أربعينات بأربعة أشهر، والاحتياط بعشر بعدها، لما قد ينقص بعد الشهور، ثم لظهور الحركة بعد نفخ الروح فيه وبيان ذلك: أن الله جعل عدة المتوفى عنها زوجها منوطة بالزمن الذي يتحرك فيه الجنين تحركا بينا، محافظة على أنساب الأموات، فهو سبحانه جعل عدة المطلقة ما يدل على براءة رحمها دلالة ظنية، وهي ثلاثة قروء كما تقدم، لأن المطلق يعلم حال مطلقته من طهر وعدمه، لما يعلمه من حالها قبل الطلاق، فلو أنها ادعت عليه نسبا، وهو يوقن بانتفائه كان له في اللعان مندوحة
أما الميت فلا يدافع عن نفسه، فجعلت عدته زمنا يقطع فيه بانتفاء الحمل، وهو "أربعة أشهر وعشرا" وما بين استقرار النطفة في الرحم، إلى نفخ الروح في الجنين أربعة أشهر، كما هو مدلول الحديث السابق، وبما أن الجنين يقوى تدريجيا بعد نفخ الروح فيه، جعلت العشر الزائدة على الأربعة أشهر، لتحقق تحرك الجنين تحركا بينا، فإذا مضت هذه المدة الزمنية، حصل اليقين بانتفاء الحمل، إذ لو كان حمل لتحرك لا محالة، وهو يتحرك لأربعة أشهر، وزيدت عليها العشر احتياطا، لاختلاف حركات الأجنة قوة وضعفا باختلاف الجنين."
ويوجد فى الكلام السابق خطأين :
الأول السر المزعوم وهو معرفة براءة الرحم من الحمل ولو كان هذا هو السر فلماذا اختلفت المدة بين المطلقة والأرملة ؟
فى تلك الحالة تكون المدة واحدة وهو ما لم يحدث زد على هذا أن الحيضة الواحدة تبرأ الرحم من الحمل فمن المحال وجود حمل مع الحيض
الثانى أن الحديث الذى استشهد به باطل فمدة وضع النفس فى الجسد فبه أربعة أشهر وهو ما يناقض كونها ثلاثة أشهر لأن الله اعتمد الحمل الثقيل فى قوله تعالى:
" وحمله وفصاله ثلاثون شهرا"
فإذا كان الحمل ستة أشهر يكون الجنين مكتملا نفسا وجسدا فى أخر الشهر الثالث وهو أول الرابع وحدثنا عن سر أخر فى عدة الأرملة فقال :
"ومن جهة أخرى، فإن ثمة سر آخر في توقيت العدة بهذه الفترة الزمنية المحددة، يتمثل في احترام الإسلام للمرأة وتقديره لها، وتخفيفه العنت عنها، ورفعه عن كاهلها، ذلك أن المتوفى عنها زوجها في الجاهلية، كانت تلقى الكثير من العنت، من الأهل، وأقارب الزوج، بل ومن المجتمع كله، فكانت إذا مات زوجها دخلت مكانا رديئا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبا ولا زينة مدة سنة، ثم تخرج وتقوم بعدة شعائر تعبدية سخيفة تتفق مع سخافة الجاهلية، فخفف الإسلام عنها كل ذلك، ولم يجمع عليها بين فقدان الزوج، واضطهاد الأهل بعده، وإغلاق السبيل في وجهها دون حياة شريفة، وحياة عائلية مطمئنة
أما قوله تعالى: { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم }
فجمهور المفسرين على أنها منسوخة، وكان ذلك الاعتداد لمدة حول على الصحيح في أول الإسلام، ثم نسخت المدة بقوله تعالى: { أربعة أشهر وعشرا } وهو وإن كان متقدما في التلاوة، فهو متأخر في النزول.
قال الرازي: "فهذا القول هو الذي اتفق عليه أكثر المتقدمين والمتأخرين من المفسرين"
ومما يدل على كون هذه الآية منسوخة، ما رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن الزبير، أنه قال: قلت لعثمان بن عفان: «والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا» قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها أو تدعها، قال: يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه وهذا يدل على أن عثمان كان يعلم أنها منسوخة، ولكنه وضعها في مكانها بتوقيف من النبي (ص)"
وكلام عودة عن وجود عدة الأرملة السابق وهو كونها سنة يجعل سره الذى استخرجه باطل فلا يوجد حمل باثنى عشر حيضا كما لا يوجد بثلاث لأن الحيضة الواحدة تنفى وجود الحمل تماما وإنما هو أمر أخر أو أمور أخرى
وتحدث عن عدة اليائس والصغيرة فقال :
رابعا: عدة اليائس والصغيرة (ثلاثة أشهر)، وعدة الحامل (وضع الحمل)
قال تعالى: { واللآئي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللآئي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } المعنى الإجمالي:
تبين الآية: أن اللآئي بلغن سن اليأس؛ فانقطع حيضهن لكبرهن، وكذا الصغار اللواتي لم يحضن، أو من لم يكن لها حيض ألبته، فهؤلاء إن كنتم شككتم في عدتهن، فهي ثلاثة أشهر. أما الحوامل، سواء منهن المطلقة، أو المتوفى عنها زوجها، فعدتهن هي الفترة الزمنية التي يوجد فيها الحمل، فإذا وضعت حملها انتهت عدتها
فالآية تحدد ثلاث فترات زمنية، هي:
1- ثلاثة أشهر، وهي عدة الكبيرة التي بلغت سن اليأس.
2- ثلاثة أشهر أيضا، وهي عدة الصغيرة التي لا تحيض.
3- المدة الزمنية الممتدة حتى وضع الحمل، وهي عدة الحامل."
وكلام الرجل عن عدة الصغيرة هو ضرب من الجنون فلا زواج أساسا للطفلة وهى الصغيرة حتى يكون لها عدة لأن الزواج يتطلب البلوغ الجسدى وبعده البلوغ العقلى وهو الرشد وهو لا يكون أبدا قبل العقد الثانى ثم تحدث عن السر فى تحديد المدة فقال :
"السر في تحديد هذه الفترات الزمنية:
من أسرار هذا النص القرآني، أنه بين الحكم الشرعي، وأزال اللبس فيما يتعلق بعدة المرأة التي لا تحيض - سواء أكانت كبيرة أم صغيرة - وعدة المرأة الحامل.
ذلك أن هذه الآية حددت عدة الكبيرة والصغيرة بثلاثة شهور، وعدة الحامل بوضع حملها، فأزالت اللبس والشك الذي كان واقعا في هذا الحكم.
ويدل على وجود هذا اللبس، ما رواه البيهقي في سننه، والحاكم في مستدركه وصححه، أنه: لما نزلت عدة النساء في سورة البقرة في المطلقة والمتوفى عنها زوجها، قال أبي بن كعب: يا رسول الله؛ إن أناسا من أهل المدينة يقولون: قد بقي من النساء ما لم يذكر فيه شيء، قال: وما هو؟ قال: الصغار، والكبار، وذوات الحمل، قال: فنزلت: { واللآئي يئسن من المحيض من نسائكم ... }
أما حكمة كون العدة بالأشهر في الكبيرة والصغيرة، دون نظر إلى الأقراء، فذلك لانعدام الأقراء في العادة، "والأحكام إنما أجراها الله تعالى على العادات، فهي تعتد بالأشهر، فإذا رأت الدم في زمن احتماله عند النساء انتقلت إلى الدم لوجود الأصل، وإذا وجد الأصل لم يبق للبدل حكم، كما أن المسنة إذا اعتدت بالدم ثم ارتفع عادت إلى الأشهر، وهذا إجماع"
وأما السر في أن هذه المدة الزمنية (ثلاثة أشهر)، فذلك لأن كل شهر يقوم مقام حيضة أو طهر، لأن أغلب عوائد النساء أن يكون كل قرء في شهر .
والمراد بالصغيرة هنا التي لم تبلغ سن الحيض، أما الكبيرة فهي التي يئست من المحيض، وحدد بعضهم لذلك سنا، فقال : ستون سنة، وقيل: خمس وخمسون.
قال ابن عاشور: "وترك الضبط بالسنين أولى، وإنما هو تقريب لإبان اليأس" وإلى ذلك ذهب الإمام ابن تيمية وأما السر في جعل عدة الحامل منتهية بوضع الحمل، فلأنه لا أدل على براءة الرحم من ذلك، إذ الغرض الأول من العدة هو التحقق من براءة الرحم، وإذا تحقق ذلك فلا يكون هناك حاجة للانتظار بعدها "
وكما سبق القول الحديث المذكور باطل فلا زواج لطفلة ولا زواج لبالغ جسديا دون أن تبلغ عقليا وهو الرشد كما فى اعطاء المال لليتامى فهو لا يصح إلا بعد البلوغ الجسدى بلوغ سن النكاح وبعده البلوغ العقلى وهو الرشد كما قال تعالى :
" "وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم"
فكيف تستأمن السفيهة على رجل أو رجل وأطفال؟
ثم تحدث عن مدة الرضاع فقال :
"خامسا: مدة إرضاع الطفل (حولين كاملين)
قال تعالى: { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله وأعلموا أن الله بما تعملون بصير }
وقال تعالى: { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير }
المعنى الإجمالي:
* تبين الآية الأولى أنه على الأمهات أن يرضعن أولادهن لمدة سنتين كاملتين، إذا شاء الوالدان إتمام الرضاعة وعلى الأب نفقة الوالدات المطلقات وكسوتهن، بما هو متعارف عليه، من غير إسراف ولا تقتير، وحسب طاقته، لتقوم بخدمة ولده حق القيام، فيحفظان الولد من الضرر الذي قد تسببه المشاكل التي بينهما. وإذا لم يوجد الأب فعلى الوارث مثل ما على الأب من الإنفاق على الأم، والقيام بحقوقها أما إذا اتفق الوالدان على فطامه قبل الحولين ورأيا في ذلك مصلحة له بعد التشاور، فلا إثم عليهما. وإذا أردتم أيها الآباء أن تطلبوا مرضعة لولدكم غير الأم، بسبب عجزها أو إرادتها الزواج، وعلى وجه عدم المضارة، فلا إثم عليكم، شريطة أن تدفعوا لها ما اتفقتم عليه من الأجر
* أما الآية الثانية فتبين العهد الذي حمله الله على الإنسان حين أوصاه بالإحسان إلى والديه، لا سيما أمه التي حملته جنينا في بطنها، وهي تزداد كل يوم ضعفا على ضعف، من حين الحمل إلى حين الولادة، وهو ملازم لها بالرضاعة، حتى فطامه في تمام عامين. ثم أمره سبحانه وتعالى بأن يشكر ربه، على نعمة الإيمان والإحسان إليه، وأن يشكر والديه على نعمة التربية، فالمرجع إليه سبحانه وتعالى، فهو الذي يجازي المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته
السر في تحديد هذه الفترة الزمنية:
يظهر في الآيتين السابقتين؛ أن الله سبحانه وتعالى جعل للطفل على أمه أن ترضعه حولين كاملين، وفي ذلك سر إلهي وحكمة ربانية: فهو سبحانه خالق هذا الإنسان، وهو العليم بحاجاته، ومتطلبات جسده ونفسه، فهذه الفترة هي أقصى مدة زمنية يكون فيها الطفل بحاجة إلى الرضاعة، فهي الفترة المثلى من جميع الوجوه الصحية والنفسية، وهذا ما أثبتته البحوث الصحية والنفسية المعاصرة
كما أن في هذا التحديد الزمني أسرار ولطائف أخرى، منها :
1- أن المقصود من هذا التحديد ، قطع التنازع بين الزوجين في حال تنازعهما في مدة الرضاع، فحدد الله ذلك بالحولين، حتى يرجعا إليه عند وقوع التنازع بينهما، فإذا أراد أحد الأبوين أن يفطمه قبل الحولين لم يكن له ذلك، أما إذا اجتمعا واتفقا على فطامه قبل الحولين، وثبت أن ذلك ليس فيه ضرر على المولود ، فلهما ذلك.
2- وفي هذا التحديد الزمني ما يدل على أن الرضاعة المحرمة، الجارية مجرى النسب، إنما هي ما كان في الحولين، لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة، ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة. ويروى في ذلك عن ابن عباس –رضي الله عنهما – أنه قال: "لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين" "
بالقطع كون السبب أن الحولين أقصى مدة زمنية يكون فيها الطفل بحاجة إلى الرضاعة وقد خان عودة التعبير فلم يبين السبب واضحا وهو أن أخر استفادة لجسم الطفل موقوتة بأخر العامين ومن ثم تصبح الرضاعة بلا فائدة للجسم
وتحدث عن مدة الحمل والفطام فقال :
"سادسا: مدة الحمل والفصال (ثلاثون شهرا)
قال تعالى: { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ... }
المعنى الإجمالي:
حث سبحانه وتعالى عباده على بر الوالدين، لأن في رضاهما رضى الله، وفي سخطهما سخط الله ، فأمر الله بالإحسان إليهما أمرا جازما ، خاصة الأم، التي حملت ابنها بكره ومشقة، ووضعته بكره ومشقة والمدة الزمنية لحمله وفصاله هي: ثلاثون شهرا أي عامين ونصف، والأم ما تزال تعاني خلال هذه الفترة الزمنية.
السر في تحديد هذه الفترة الزمنية:
في تحديد الحمل والفصال بالفترة الزمنية البالغة "ثلاثون شهرا" من الحكم والأسرار ما لا يخفى: فقد دلت هذه الآية على أن أقل مدة للحمل هي ستة أشهر، فمدة الرضاع حولين كاملين كما تقدم. ولما كان مجموع مدة الحمل والرضاع ثلاثون شهرا، فإذا أسقطنا الحولين الكاملين -وهي أربعة وعشرون شهرا- من الثلاثين؛ فإنه يبقى أقل مدة للحمل وهي ستة أشهر
قال ابن كثير: "وقد استدل علي بهذه الآية، مع التي في لقمان { وفصاله في عامين } وقوله تبارك وتعالى: { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وهو استنباط قوي صحيح، ووافقه عليه عثمان، وجماعة من الصحابة "
ويروى في ذلك أنه رفع إلى عثمان بن عفان امرأة ولدت لستة أشهر، فسأل عنها أصحاب النبي، فقال علي- رضي الله عنه-: لا رجم عليها، ألا ترى أنه يقول: «وحمله وفصاله ثلاثون شهرا» وقال: «وفصاله في عامين» وكان الحمل ههنا ستة أشهر، فتركها عثمان رضي الله عنه. وقيل: إنها ولدت مرة أخرى لستة أشهر
وهذا التحديد القرآني لهذه الفترة الزمنية، وأنها أقل مدة للحمل، هو ما أقره الطب الحديث، فيكون هذا من باب الإعجاز العلمي للقرآن الكريم."
قطها كون السر هو تحديد أقل مدة للحمل بستة أشهر هو وهم ظاهر فلا يوجد حمل اسمه ستة أشهر وإنما مراد الله أن الحمل الثقيل وهو وضع النفس فى الجسد يكون فى أول الشهر الرابع وهو ما سماه الله بالحمل الثقيل بينما الحمل الخفيف وهو تكوين الجسم يكون فى الثلاث شهور ألأولى وهو لا يعد حملا حقيقيا لأن الإنسان وهو الجنين لا يكون مكتملا فيه وفى هذا قال تعالى :
"هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن أتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين"
وتحدث عن زمن العورات الثلاث فقال :
"سابعا: زمن العورات الثلاث (قبل الفجر، الظهر، بعد العشاء)
قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم
المعنى الإجمالي:
تبين هذه الآية للمؤمنين، ضرورة أن يستأذن أطفالهم والذين ملكت أيمانهم، قبل الدخول عليهم، في ثلاثة أوقات، هي:
1- «من قبل صلاة الفجر» أي في الليل؛ وقت النوم والخلود للراحة.
2- «وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة» أي وقت الظهر؛ حين تخلعون ثيابكم للقيلولة.
3- «ومن بعد صلاة العشاء» أي وقت إرادتكم النوم، واستعدادكم له.
فهذه الأوقات الثلاثة عورات لكم، فعلموا أيها المؤمنون عبيدكم وخدمكم وصبيانكم، ألا يدخلوا عليكم فيها إلا بعد استئذان. أما غير هذه الأوقات؛ فليس في عدم استئذانهم حرج، حتى لا يكون في ذلك مشقة عليهم، لأنهم يطوفون عليكم، ويكثرون من الدخول والخروج
السر في تحديد الاستئذان بهذه الأوقات الثلاثة:
أما السر في تخصيص هذه الأوقات الثلاثة بالاستئذان، من قبل الصغار والخدم دون غيرها، فذلك:
لأنها مظنة انكشاف العورات، فالوقت قبل الفجر، هو وقت القيام من المضاجع، وطرح ثياب النوم، ولبس ثياب اليقظة. ووقت الظهيرة، هو وقت وضع الثياب للقائلة، لأن النهار يشتد حره في ذلك الوقت. وبعد صلاة العشاء، لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة، والالتحاق بثياب النوم وفي هذا التشريع القرآني، أدب إسلامي رفيع، وسر تربوي بديع، يظهر من جانبين:
1- مراعاة الناحية النفسية والخلقية والعصبية للإنسان، فلا يظن أن الخدم لا تمتد أعينهم إلى عورات السادة، وأن الصغار قبل البلوغ، لا ينتبهون لهذه المناظر، بينما يقرر النفسيون اليوم، أن بعض المشاهد التي تقع عليها أنظار الأطفال في صغرهم، هي التي تؤثر في حياتهم كلها، وقد تصيبهم بأمراض نفسية وعصبية يصعب شفاؤهم منها، فالله سبحانه وتعالى، يؤدب المؤمنين بهذه الآداب، لبناء أمة سليمة الأعصاب والصدور، ومهذبة المشاعر، وطاهرة القلوب
2- الحرص على التربية الإسلامية النظيفة للطفل، فلا ينظر الطفل أو الطفلة إلى العورات كأنها شيء عادي ، حتى إذا كبر لم يبال بكشف عورته، ولم تبال الفتاة بأن تمشي في الشارع مكشوفة العورة، بل "يجب أن ينشأ الأطفال على ستر العورة، حتى يكون ذلك كالسجية فيهم إذا كبروا "
السر حسب عودة هنا هو أن الأوقات الثلاث مظنة انكشاف العورات وهو كلام ليس صحيح فهو مظنة الجماع لأن عورات الأب وألأم ينكشف بعضها فى غير حجرات النوم فهم لا يجالسون الأطفال بثياب كثياب الخروج للشارع أو ثياب استقبال الناس والتى تغطى العورات إلا ما أمر الله بكشفه وهو إظهاره كما قال " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها "
وقد بين الله المباح لهم رؤية الزينة وهى جسم أى عورة المرأة فقال :
ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبائهن أو أباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهم أو اخوانهن أو بنى اخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء"
ومن ثم فالسبب هو منع الأطفال من رؤية الأب والأم فى وضعية الجماع لأن الأطفال قد يقلدونهم وهم لا يعرفون معنى الزنى ومن ثم تحدث الكوارث
وتحدث عن مدة صوم المتمتع فى الحج فقال :
"ثامنا: مدة الصيام للمتمتع في الحج (عشرة أيام)
قال تعالى: { وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب }
المعنى الإجمالي:
عليكم أيها المؤمنون؛ أن تؤدوا الحج والعمرة تامين بأركانهما وشروطهما، لوجه الله تعالى، فإذا منعتم من إتمام الحج أو العمرة بمرض أو عدو، وأردتم التحلل، فعليكم أن تذبحوا ما تيسر من الهدي، ولا يجوز التحلل من الإحرام بالحلق أو التقصير، حتى يصل الهدي المكان الذي يحل ذبحه فيه، وهو الحرم أو مكان الإحصار. ومن كان منكم أيها المحرمون مريضا، أو به أذى من رأسه فاضطر للحلق، فعليه فدية. أما إن كنتم آمنين من البداية، أو أمنتم بعد الإحصار، فمن أراد التمتع؛ أي اعتمر في أشهر الحج، واستمتع بما يستمتع به غير المحرم، من الطيب والنساء وغيرها، فعليه ذبح ما تيسر له من الهدي، أما من لم يجد ثمن الهدي، فعليه صيام عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعه إذا رجع إلى وطنه. وهذا الحكم خاص بغير أهل الحرم، أما سكان الحرم؛ فليس لهم تمتع، وليس عليهم هدي. ثم تختم الآية بالحث على تقوى الله، لأن تطبيق هذه الأحكام مرتبط بالتقوى، وباستشعار عقاب الله لمن خالف
السر في تحديد هذه الفترة الزمنية:
يلحظ في الآية السابقة؛ أن الله سبحانه وتعالى، أوجب على المتمتع في الحج، الهدي، فمن لم يجد، فقد أوجب عليه الصيام، ومقدار هذا الصيام، هو عشرة أيام من الزمن، وهذه العشرة موزعة على قسمين:
- قسم منها في الحج ، ومقداره ثلاثة أيام.
- وقسم منها بعد رجوع الحاج إلى وطنه، ومقداره سبعة أيام.
فما هي الحكمة وراء التحديد القرآني لهذه الفترة الزمنية؟ وما هو سر توزيعها على هذا النحو؟
يرى ابن عاشور أن العددين ثلاثة وسبعة مباركان، فيقول: "وقد سئلت عن حكمة كون الأيام عشرة، فأجبت بأنه لعله نشأ من جمع سبعة وثلاثة، لأنهما عددان مباركان"
أما حكمة توزيع الأيام العشرة إلى عددين متفاوتين، فذلك لما في حالة الاشتغال بالحج من تعب ومشقة فناسبه الزمن الأقل، وهو الأيام الثلاثة. ولما في حالة الاستقرار عند الأهل من السكون والراحة، فناسبه الزمن الأكثر، وهو الأيام السبعة أما السر في قوله تعالى عن الثلاثة والسبعة بأنها " عشرة" مع أن ذلك معلوم، فذلك:
لأنه ربما توهم متوهم، أنه مخير بين الأمرين (ثلاثة في الحج أو سبعة إذا رجع) لأن الواو قد تأتي بمعنى (أو)، كما في قوله تعالى: { مثنى وثلاث ورباع } فيكون بقوله: "عشرة" قد أزال احتمال التخيير
وعلى هذا تكون هذه المدة الزمنية (عشرة أيام) قد علمت جملة كما علمت تفصيلا، فيحاط بها من وجهين، فيتأكد العلم، فإن أكثر العرب لا تعرف الحساب، واللائق هو الخطاب الذي يفهمه الخاص والعام، وهو ما يكون بتكرار الكلام، وزيادة الإفهام
وأما الحكمة من وصف العشرة بأنها "كاملة" فإنما هو زيادة توصية بصيامها، وأن لا يتهاون فيها، ولا ينقص من عددها لأن الأجر الحاصل بصيامها، كامل لا نقص فيه، وذلك" أن المعتاد أن يكون البدل أضعف حالا من المبدل، كما في التيمم مع الماء، فالله تعالى بين أن هذا البدل ليس كذلك، بل هو كامل في كونه قائما مقام المبدل، ليكون الفاقد للهدي، المحتمل لكلفة الصوم، ساكن النفس إلى ما حصل من الأجر الكامل من عند الله" "
وهذا الكلام هو كلام باطل فليس هناك أى سر فى كون حاصل جمع ثلاثة وسبعة عشرة فهذا معروف وأما السبب فهو العدل بين الحاج الذى دفع مال للهدى وبين الحاج الذى لا يوجد معه مال فمقابل اطعام من معه الهدى هو الصوم كما الحال فى الكفارات الأخرى من حيث مثلا تأكيل ستين مسكينا وصوم ستين يوما وهما شهرين فالمسألة فيما يبدو والله أعلم هى العدل بين معه ومن ليس معه
ثم تحدث عن مدة السياحة فقال :
"تاسعا: مدة تأجيل الكفار بعد نزول براءة (أربعه أشهر)
قال تعالى: { فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين }
المعنى الإجمالي:
هذا خطاب من الله للمؤمنين، يبين لهم ما يجب قوله للمشركين، الذين برئ الله ورسوله من عهودهم؛ أي قولوا لهم: لكم الأمان أيها المشركون مدة أربعة أشهر من حين البراءة، تنتقلون فيها حيث شئتم، واعلموا أنكم حيث كنتم خاضعون لسلطان الله، وأنتم لا تعجزونه، والله كاتب الخزي على الذين يجحدونه
السر في تأجيلهم هذه الفترة الزمنية:
أما الحكمة في تحديد هذه المدة الزمنية (أربعة أشهر)، فهي أن يكون لدى المشركين فسحة من الوقت للنظر والتفكر في عاقبة أمرهم، والاختيار بين الإسلام والاستعداد للقتال، إذا هم أصروا على شركهم وعدوانهم، فإنه ليس لهم بعد هذه المدة إلا الإسلام أو القتل، فيصير هذا داعيا لهم إلى الدخول في الإسلام من جهة، أو الاستعداد لخوض الحرب مع المسلمين من جهة أخرى، وذلك لئلا ينسب المسلمون إلى الغدر، وليعلم هؤلاء أن المسلمين غير مكترثين بهم وباستعدادهم في هذه الأشهر
وفي هذا التأجيل ما يشير إلى عظيم رحمة هذا الدين، خاصة في ذلك الزمن، حيث لم يكن بين المجتمعات آنذاك إلا القدرة على الغزو أو العجز عنه، بلا إنذار ولا إخطار، ولا رعاية لعهد، متى سنحت الفرصة "ولكن الإسلام هو الإسلام، منذ ذلك الزمان، ذلك أنه منهج الله الذي لا علاقة له بالزمان في أصوله ومبادئه. فليس الزمان هو الذي يرقيه ويطوره، ولكنه هو الذي يرقي البشرية ويطورها حول محوره وداخل إطاره؛ بينما هو يواجه واقعها المتطور المتغير- بتأثيره- بوسائل متجددة ومكافئة لما يطرأ عليها في أثناء تحركه بها قدما من تطور وتغير" وإنما حددت هذه المدة بأربعة أشهر دون زيادة على هذا الزمن، لقوة المسلمين آنذاك، بخلاف صلح الحديبية ؛ فإنه كان على عشر سنين، لضعف المسلمين آنذاك
فهذه المدة إذا تتناسب مع حالة الأمة الإسلامية قوة وضعفا، فحينما كان المسلمون ضعفاء، كان عهدهم في الحديبية عشر سنين، بينما لم تعد هناك حاجة لإطالة هذه المدة أكثر من أربعة أشهر، بل إن الأربعة أشهر تعد كثيرة، ولا تحتاج إلى زيادة عليها في مثل هذه الحالة من قوة المسلمين. وهو ما يدل عليه قول الألوسي:" وجعل المدة أربعة أشهر، قيل: لأنها ثلث السنة، والثلث كثير" "
وهذا الكلام وهم فالسبب فى مدة الأربعة أشهر هى الحج والعمرة فى تلك الأشهر والدليل هو تحدث الآيات بعدها عن الحج وهو قوله:
"وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر إن الله برىء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزى الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين"

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع