إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-26-2010, 08:33 PM
احمد الصعيدى احمد الصعيدى غير متواجد حالياً
عضو
 


إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى احمد الصعيدى
افتراضي ماذا يريد العرب من قمتهم؟

يجتمع القادة العرب يوم السبت المقبل في قمتهم الثانية والعشرين في مدينة سرت الليبية، وهي المرة الأولى التي تستضيف ليبيا فيها القمة العربية. ولا شك أن القمة لديها جدول أعمال حافل بلغت بنوده المعروضة على وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التحضيري 30 بندا، لكن المواطن العربي الذي لم يحط بهذه البنود لديه ما يريد من المجتمعين مناقشته.

فالمواطن العربي يريد أن تصبح هذه المؤتمرات ميدانا لعمل عربي مشترك، فاجتماع العرب ليس كباقي الاجتماعات التي يحضرها العرب مع غيرهم من دول العالم، حين يأتي كل طرف حاملا قضيته ومشكلاته ومطالبه، بينما يتوقع العربي من مؤتمر القمة أن ينظر الزعماء إلى قضايا العرب، باعتبارها قضية واحدة، وإن اختلفت أساليب معالجتها، فالتنمية العربية الشاملة، شأن عربي لا يتوقف عند الحدود، ولا يحتاج إلى تأشيرات دخول، فجميع العرب يعاني مشكلات التنمية بصفة عامة، يتساوى فيها الغني والفقير، الكبير والصغير.. ولا أدل على ذلك مما تتضمنه تقارير التنمية البشرية العربية والدولية التي تتشابه فيها أوضاع العرب، وإن اختلفت النسبة بينهم، فلا يستطيع أحد أن يزعم أنه حقق تعليما نوعيا كما عليه مقاييس التعليم في الدول المتقدمة. فالأمية «وباء عربي» بامتياز، استطاع بعض العرب أن ينفكوا من بعض أسره، بينما ازداد «الوباء» تفشيا بين الآخرين.

ولذا حين يصبح التعليم مطروحا على جدول القمة العربية سيشعر العرب أنهم بدؤوا بمواجهة «الوباء»، لكن التعليم لا يحظى على المستوى العربي العام بالاهتمام كما يحظى الأمن مثلا، على الرغم من التشابه بينهما، فالتعليم أمن وطني وقومي، ولن يكون للعرب منفردين أو مجتمعين شأنٌ ما لم يكن التعليم من أولى أولوياتهم، يسنده بحث علمي متمكن، فالبحث والتعليم هما دفتا الباب الذي يلج منه العرب للمستقبل. وغني عن القول أن واقع البحث العلمي العربي أسوأ من واقع التعليم، وإذا أمكن لأي دولة عربية أن تنهض بتعليمها المحلي، فإن من الصعب أن تنهض بالبحث العلمي منفردة، إذ إنه يحتاج إلى إمكانيات مادية وبشرية واسعة، ويملك العرب من الأموال والعقول ما يستطيعون أن يحققوا به تقدما علميا لو أرادوا ذلك.

وما يريده العرب من قمتهم، أن تصبح مجتمعاتهم مجتمعات منتجة ومتحركة، وأن يكون لها إسهام فيما تقدمه شعوب العالم لبعضها، وألا يصبح العرب مستهلكين لما ينتجه غيرهم.

فلديهم الوسائل والإمكانيات لتحقيق تعاون اقتصادي عربي، وإقامة سوق واسعة تعتمد على المصالح قبل العواطف، وعلى العمل قبل القول، وعلى التعاون في المشاريع المشتركة قبل الاتفاقيات والمعاهدات التي لا تزيد العمل العربي المشترك إلا أوراقا!

العرب لا يطمعون في سوق مشتركة كالسوق الأوروبية، لكنهم يريدون أن يجدوا البضائع العربية بجودة عالية تتدفق بين أسواقهم، وتجد مكانها على رفوف العرض إلى جانب البضائع الصينية واليابانية والكورية.

فالموارد الطبيعية لا ينقصها سوى العمل. فالعرب يجلسون على شواطئ خمسة بحار، ويتحكمون في 60 % من نفط العالم، وأرضهم الزراعية تكفي لإطعام العالم، وأيديهم العاملة شابة ولديها الاستعداد للتعلم والتدريب والعمل، وحين لا تجد فرصة لها تقذف بنفسها بين الأمواج المتلاطمة بحثا عن فرص العمل على الشواطئ الأخرى.
كما أن العرب يريدون من قمتهم أن تنظر إلى المواطن العربي، باعتباره جزءا من كل، لا يحرم حقوق «الجزء»، ولا تطغى عليه حقوق «الكل»، فليس هناك صغير وكبير، بل الكل سواء يحترم الآخر ويقدره، يجمعهم «المختلف»، ويوحد بينهم «الجامع»، يريد العربي أن يهتم بشأنه المحلي، لكن ليس على حساب «القومي»، وأن تصبح عوامل القوة رابطا أقوى من «مباراة كرة» أو «برنامج تلفزيوني»!

يريد العرب من قمتهم أن يكون الإنسان مقدما على السياسة والاقتصاد، بحيث يشعر العربي أنه «إنسان» في كرامته وحقوقه وواجباته، وأن يصبح إنسانا بوجوده لا بغيابه، وألا تمتهن كرامته لرغيف خبز، أو حبة دواء، وألا يفقد هذه الكرامة لأنه يريد أن يحافظ على «كرامته»، أو لأن له رأيا فيما يدور حوله، ويريد قانونا يدفع للحرية، لا حرية يقيدها القانون، فهو يستحق أن يكون «إنسانا» كباقي البشر، وإن كان لا يطمع أن يكون كـ«إنسان» السويد، أو كوريا أو حتى سنغافورة، لكنه لا يريد أن يكون كما هو الحال بالنسبة إلى معظم العرب.

إن هذه القضايا ليست مطروحة على جدول أعمال المؤتمر، فالجدول مزدحم بقضايا كبرى، كالشأن الفلسطيني، وجرائم إسرائيل في القدس، ومشكلات السودان والعراق واليمن والعلاقات العربية العربية، وطريقة إرسال الدعوات للمؤتمر، والاسم الذي سيطلق على القمة، ومستوى تمثيل الدول، وغيرها من القضايا، ولن يلتفت أحد لقضايا «صغرى» كالتعليم والبحث العلمي والتنمية والحرية وغيرها، لأنها أصبحت قضايا «متوطنة» بين العرب لا يمكن «علاجها» في مؤتمر أو عدة مؤتمرات.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ماذا, العرب, يريد, قمتهم؟


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع