إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-12-2010, 07:19 PM
احمد الصعيدى احمد الصعيدى غير متواجد حالياً
عضو
 


إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى احمد الصعيدى
افتراضي كرة القدم.. أشرف الحروب

أنا ألعب.. إذاً أنا موجود!

تلك هي فلسفة الوجود التي ابتكرها فيلسوف كان جالساً يوماً ما لمتابعة مباراة رسمت وجه العالم.

وعندما تأهلت هندوراس وتشيلي إلي مونديال جنوب أفريقيا 2010، استعادت الأولي ذاكرتها الكروية بعد غياب دام 28 عاماً، فيما أنست بطاقة التأهل جمهور البلد الثاني مشكلة البطالة التي تعتصر البطون الجائعة. وحين تأهلت كل من توجو وأنجولا إلي مونديال ألمانيا 2006، أحس التوجوليون والأنجوليون بالفخر، إذ لم تعد توجو مجرد خطأ جغرافي وبقعة صغيرة منسية علي خريطة العالم، وخرجت أنجولا من تحت عباءة صورتها النمطية كواحدة من الدول التي اعتادت أن تأكل أبناءها علي مائدة الحرب الأهلية كل صباح.

في استدارة كرة القدم تكمن سر السعادة: كمٌ من الأسباب التي تبرّر حياة الكثير من الناس..علي الرغم من عبثيتها.

وجزءٌ من عشقها أنها لعبة شعبية.. تنمو عادة في الأحياء الهامشية التي تلد أفضل لاعبي العالم: بيليه الذي ولد في بيت فقير في قرية نائية وكان في صباه ماسح أحذية.. مارادونا الذي كان قصاري حلمه أن يصبح فنياً صناعياً.. ويوهان كرويف الذي كانت أمه تخدم في كافيتيريا نادي أياكس. فقراء صنعوا المجد لأنفسهم وجمهورهم، الذي يتماهي عادةً مع مثله الأعلي.

كرة القدم هي الوطن.. والسلطة هي كرة القدم. تأملوا الرئيس الفرنسي جاك شيراك وهو يرتدي زي منتخب فرنسا في نهائي مونديال 1998.. والعاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين وهو يفعل شيئاً مماثلاً ويلوح للاعبي منتخب بلاده في نهائيات كأس أمم آسيا عام 2004.

وكثيراً ما يتسلل السياسيون والطغاة إلي ملاعب كرة القدم بحثاً عن شعبية ضائعة.. إيطاليا فازت ببطولتي مونديالي 1934 و938ا تحت راية موسوليني.. ونالت الأرجنتين الكأس عام 1978 في أوج عصر الديكتاتورية العسكرية.

وفي مسرح كرة القدم يحل اللاعبون مكان الممثلين.. أدوارٌ لا ينقصها فن الارتجال.. وكلما أتقنت دورك بمهارة وأضفت إليه بعضاً من توابل الارتجال كلما امتلكت ناصية الدهشة وارتفعت هتافات المعجبين باسمك.

علي العشب الأخضر الممتد علي امتداد القلوب التي تشاهد، يمثل اللاعبون برؤوسهم وأرجلهم .. وربما أيديهم مثلما فعل الأرجنتيني دييجو أرماندو مارادونا حين خدع الحكم التونسي علي بن ناصر بهدفٍ أحرزه بيده في مرمي منتخب إنجلترا في مونديال المكسيك عام 1986. ثم زعم بعد ذلك أن «يد الله» أحرزت الهدف.

يقدر الاتحاد الدولي لكرة القدم - الفيفا- عدد من شاهدوا نهائي مونديال ألمانيا 2006 بنحو ثلاثة مليارات شخص، وهو أكبر جمهور يجتمع لمتابعة حدثٍ ما علي امتداد تاريخ هذا الكوكب.

إنها الحب الأول لكثيرين- ممن يصرخون ويسخطون ويصفقون علي المدرجات أو أمام شاشات التلفاز.. وهم يتابعون صعود أو سقوط أحلامهم.. ويقضمون أظفارهم أو يمسكون برؤوسهم وهم يلهثون وراء اثنين وعشرين لاعباً يرتدون سراويل قصيرة ويلاحقون الساحرة المستديرة.. يركلونها حيناً ويداعبونها حيناً آخر، تعبيراً عن حبهم لها وشغفهم بها.

استخدامات الكرة متعددةٌ، أحدها هو الحب العالمي.

وبالنسبة لكثيرين، يصعب تفسير مدي تأثير وقدرة كرة القدم علي إهدائنا سر البهجة الخالصة والحماسة المتقدة، ومنح بعضنا قدراً أفضل لحياته، وتشكيلها لبعضنا الآخر المكان المثالي الذي أمدّ وجوده بمعني لم يعثر عليه في مكانٍ آخر.

وحتي في حال الهزيمة، تفتح لحزنك الباب، فيندفع خارجاً من صدرك، لكنه لا ينسي قبل أن يفارقك مودعاً أن يعدك بنظرة معبرة بأنه ربما يعود يوماً.. ومعه ملامح نصر كروي.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مشرف, الحروب, القدم..


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع