العودة   الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي > الأقسام العامة > المنتدى الإسلامى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-11-2010, 06:36 PM
kooh kooh غير متواجد حالياً
عضو
 

افتراضي شرح عقيدة المسلمين للامام بن باز

شــــرح عقيـــــــــــدة أهــــل السنــــة والجمــــــــــــــــاعة

الشيـــــــخ العلامـــة مفتــــي الديــــــــار الإسلاميــــــــــة
عبـــــــد العزيــــــــز بـــن بــــــاز رحمــــه الله تعالى

قـــــام بتفريــــــــغ هـــــــذه المـــــــــادة:
أبــــو تقــــي الديــــــن نــــــاصــر الديــــــــــن الجزائــــــــــري سامـحـه الله







الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين .

أما بعد:

فإن الله جل وعلا خلق الخلق لعبادته وأمرهم بها سبحانه وتعالى فقال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56){مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} (57){إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } (58)[سورة الذاريات] سبحانه وتعالى.

فخلقهم للعبادة وتكفل بأرزاقهم كما قال في آية أخرى: {وَمَا من دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} (6) [سورة هود].

وأرسل الرسل جميعاً لهذا الأمر العظيم ليدعوا الناس إلى عبادة الله ، ويأمروهم بها ويوضِّحُوهَا لهم فقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (36) سورة النحل.

هكذا جميع الرسل بعثوا لهذا الأمر العظيم ليأمروا الناس أن يعبدوا الله وحده دون كل ما سواه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (36) [سورة النحل]

ويقول سبحانه: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَآ إِلَهَ إِلآ أَنَا فَاعْبُدُونِ} (25) [سورة الأنبياء].
وهذه العبادة التي خُلقوا لها وأُرسلت الرسل بها أمرهم بها سبحانه وتعالى في مواضع من كتابه العظيم ، كما في قوله تعالى في سورة البقرة: {يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (21) [سورة البقرة].

قال في سورة النساء: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} (36) سورة النساء.

وقال في سورة بني إسرائيل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} (23) سورة الإسراء.

وقال في سورة البينة: {وَمَآ أُمِرُواْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآء وَيُقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ} (5) سورة البينة.

قال سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ(2)أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ(3) سورة الزمر.

هذه العبادة التي خُلقوا لها قد أُمروا بها ، وبُينت لهم في كتاب الله وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وبعث الله بها الرسل جميعاً وخاتمهم وأفضلهم وإمامهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بُعث بذلك ، بعثه الله يدعو الناس إلى عبادة الله لتوحيده والإخلاص له ، ومكث في مكة بضعة عشر سنة يدعو الناس إلى توحيد الله وطاعة الله ، يأمرهم أن يعبدوا الله وحده ، وأن يخلعوا عبادة ما سواه من الأصنام ، والأوثان ، والملائكة ، والأنبياء وغير ذلك.
يا قومي قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا ، فأجابه الأقل ، وأنكر دعوته الأكثرون ، ولم يزل صابرا داعياً إلى الله عز وجل حتى أمره الله بالهجرة إلى المدينة بعدما اشتد أذى المشركين له ... ولما جاء به عليه الصلاة والسلام ، فهاجر إلى المدينة ومكث بها عشر سنين يدعو إلى الله ويعلم الناس شريعة الله ، وأنزل الله عليه القرآن العظيم ، بعضه في مكة ، وبعضه في المدينة ، وبينه للناس ، وأرشد الناس إلى ما دل عليه القرآن ، وبين لهم ما أوحى الله إليه في ذلك ، فإن الله أعطاه وحيين:
• القرآن
• والوحي الثاني: السنة

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) [سورة النجم] ، صاحبكم : يعني محمد صلى الله عليه وسلم {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) [سورة النجم] ، الله أوحى إليه القرآن ، وأوحى إليه السنة بأحاديث عليه الصلاة والسلام وما بينه للأمة من شرع الله.

فتلقى الصحابة رضي الله عنهم عنه هذا الدين العظيم ، دين الإسلام ، ونقلوه إلينا غضاً طرياً ، وهكذا نقله التابعون عن الصحابة ، وهكذا أتباع التابعين ولم يزل أهل العلم ينقلون هذا العلم من جيل إلى جيل ، ومن قرن إلى قرن ، ويكتبونه في كتب كثيرة ، ويوضحون للناس دعوة نبيهم عليه الصلاة والسلام ، وما بينه الكتاب العظيم القرآن من دين الله.

فعقيدة المسلمين هي عقيدة أهل السنة والجماعة هي ما بينه الله لعباده في كتابه العظيم ، وبينه رسوله عليه الصلاة والسلام ، وتلقاه الصحابة عن نبيهم رضي الله عنهم وبلغه للناس.
هو دين الله هو توحيد الله وطاعته واتباع رسوله وترك ما نهى عنه ، والإيمان بكل ما أمر الله به ورسوله هذا هو دين الله ، وهذا هو العقيدة التي ... سلف هذه الأمة وهي عقيدة أهل السنة والجماعة: الإيمان بالله ورسوله ، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله والعمل بذلك ، قولا ، وعملا وعقيدة ، المحبة ، والانقياد ، والإخلاص ، والموالاة ، والمعاداة.

فالإيمان بالله ورسوله هو الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من الطاعات القولية والفعلية.
المؤمن يتلقى ذلك عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تلقاه أصحاب النبي صلى لله عليه وسلم ومن بعده من السلف الصالح.
وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة شرح للناس الإيمان ، والإسلام ، والإحسان ، وأوضح للناس أوامر الله ونواهيه قولاً وعملاً.
فعقيدة أهل السنة والجماعة فيها العمل بكل ما أخبر الله به ورسوله ، وكل ما أمر الله به ورسوله ، الإيمان الصادق والإخلاص لله ، والمحبة ، ورغبة ورهبة.
فهم يؤدون أوامر الله وينتهون عن نواهي الله ، ويقفون عند حدود الله عن إيمان بالله ورسوله عن إخلاص وصدق عن رغبة ورهبة ، لا رياء ولا سمعة ، ولا نفاق ، ولكن عن إيمان ، وعن صدق.
وهذه العبادة التي خُلقوا لها سماها الله إسلاما ، سماها إيماناً ، سماها تقوى ، سماها هدى {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} (19) سورة آل عمران].

{وَلَقَدْ جَآءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} (23) سورة النجم].

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}[سورة الحجر/45] ، و[سورة الذاريات/15].

{يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ} [سورة النساء/1] ، و[سورة الحج/1] ، و[سورة لقمان/33].

{يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ}(136) سورة النساء].

{قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ} (84) سورة آل عمران].

فهي إيمان ، وإسلام ، وهدى ، وتقوى ، وبر ، وصلاح وإصلاح ، هذه هي العقيدة التي اشترك و....عليها أهل السنة والجماعة ،وهي دين الله الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبعث به جميع المرسلين ، قولٌ وعملٌ ، وعقيدة ، قول باللسان وعملٌ بالجوارح وعملٌ بالقلب عن محبة ، وعن إخلاص ، وعن صدق ، وعن رغبة ورهبة.

وجميع ما جاءت به الرسل يندرج تحت الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره كما قال جل وعلا: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} (177) سورة البقرة].

قال تعالى: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا} (136) سورة البقرة]( ) ، الآية.

قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} (285) سورة البقرة] ( ) الآية.

{يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ}(136) سورة النساء]( ) الآية.

فدين الإسلام وعقيدة أهل السنة والجماعة هي الإيمان بالله قولاً وعملاً وعقيدة.
ويدخل في الإيمان ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبرائيل لما سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان ، بين له أركان الإسلام ، وأركان الإيمان الستة ، والإحسان.
والإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ، قال: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ، قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)( ) ، هذا هو دين الله ، عند التفصيل الإسلام وإيمان وإحسان.
فالإسلام ما أمر الله به ورسوله من أعمال ظاهرة ، سمي إسلاما ، يعني خضوعاً لله ، الإسلام الانقياد والذل لله.

سمى الله دينه إسلاما لأن المسلم ينقاد لله ويذل له ويؤدي حقه الخضوع والذل والانكسار ، وهذا هو العبادة ، سمي عبادة لهذا ، سمي الدين كله عبادة لأنه يؤدى بالذل والانكسار والخضوع لله سبحانه وتعالى.
فالعبادة ...هي الإسلام ، وهي دين الله ، هي الإيمان والهدى.

فقوله: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله داخل في قوله أن تؤمن بالله ، فالعقيدة التي تلقاها أهل السنة والجماعة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتلقاها أصحاب النبي عن رسول الله ، هي الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره.

هذه ثلاثة أصول هي الأصول كلها ، يدخل في الإيمان بالله ، الإيمان بكل ما أمر الله به وشرع من الإسلام ، من توحيد الله والإخلاص له ، والشهادة بأنه لا إله إلا الله ، أي لا معبود حق إلا الله ، والشهادة بأن محمدا عبد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ، ويدخل في ذلك الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، كل داخل في الإيمان بالله ، والإيمان بجميع المرسلين كما نص عليه جل وعلا في كتابه العظيم ، ونص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالإيمان بالله يشمل ذلك كله ، الإيمان بالله يشمل جميع ما أمر الله به ورسوله من صلاة ، وزكاة ، وصوم ، وحج ، وجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك من كل ما أمر الله به ورسوله ، كل داخل في الإيمان بالله.

والإيمان بالملائكة معناه الإيمان بكل الملائكة الذين خلقهم الله ، يؤمن العبد بأن لله ملائكة خلقهم لطاعته وعبادته ، وتنفيذ أوامره سبحانه وتعالى ، نؤمن بهم جميعاً ، وأنهم خُلقوا من النور ، خلقهم الله من النور ، وأنهم في طاعته واتباع أمره ، وتنفيذ أوامره سبحانه وتعالى ، لا يحصي عددهم إلا الله جل وعلا ، نؤمن بهم إجمالاً ، وتفصيلاً ، نؤمن بهم إجمالاً وأن لله ملائكة في طاعته وفي اتباع أوامره وتنفيذها ، ومنهم من فصلهم الله لنا ، وبين لنا أسماءهم كجبرائيل ، وميكائيل وإسرافيل ، ومالك خازن النار ، هؤلاء بينهم سبحانه وتعالى ، وهكذا ملك الموت ، ومن سماه الله من غيرهم نؤمن بهم على سبيل التفصيل.

وهكذا الكتب نؤمن بها كل داخل في الإيمان بالله ، وداخل في الإسلام ، الكتب التي أنزلها الله على الرسل ، فإن الله جل وعلا أرسل الرسل وأنزل عليهم الكتب {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَان} (25) سورة الحديد] ، فالله أرسلهم وأرسل معهم الكتب لبيان الحق للناس.

فنؤمن بكتب الله جميعاً على الإجمال والتفصيل ، نؤمن بجميع الكتب المنزلة على الرسل عليهم الصلاة والسلام ، ومنها التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والقرآن الذي هو أعظمها المنزل على محمد عليه الصلاة والسلام ، صحف موسى ، صحف إبراهيم ، كلها نؤمن بكل الكتب التي أنزلها الله على رسله ، وأفضلها وخاتمها القرآن الكريم.

وهكذا نؤمن بجميع الرسل من أولهم إلى أخرهم ، نؤمن بهم جميعاً ، وأنهم بلغوا الرسالة ، وأدوا الأمانة عليهم الصلاة والسلام ، ومنهم آدم عليه الصلاة والسلام رسول نبي مكلم( ) ، هو رسول الله إلى ذريته يدعوهم إلى توحيد الله ، ويأمرهم بأمر الله ، وينهاهم عن نهي الله ، ثم بعث الله نوحاً عليه الصلاة والسلام بعدما وقع الشرك في بني آدم ، أرسل الله نوحاً ، فنوح هو أول الرسل إلى أهل الأرض بعدما وقع الشرك فيهم ، بعث الله نوحاً عليه الصلاة والسلام يبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، وصبر على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما وهو فيهم يدعوهم إلى الله ، فلما استكبروا واستمروا في العناد أهلكهم الله بالغرق ، وأنجاه وأصحاب السفينة عليه الصلاة والسلام ، وهكذا من بعده من الرسل كهود وصالح ، وشعيب ، ولوط ، وموسى ، وهارون وغيرهم كلهم بلغوا الرسالة ، وأدوا الأمانة إلى أن خاتمهم الله بأفضلهم محمد عليه الصلاة والسلام.

نؤمن بذلك ، من عقيدة أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله ورسوله ، أن نؤمن بهؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وأنهم أدوا الرسالة و بلغوها ، وأدوا أمانة الله ، وصبروا ، منهم من قُتل ، ومنهم من سَلم ، وهم متفاوتون منهم من تبعه جمع غفير ، ومنهم من يتبعه إلا قليل ، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس: منهم من لم يتبعه إلا الرهط ، ثلاثة والأربعة والخمسة ، منهم من لم يتبعه إلا الرجل أو الرجلان ، ومن الرسل من لم يتبعه أحد خالفه قومه كلهم( ) والعياذ بالله.

وهكذا نؤمن باليوم الآخر ، وهو الأصل الخامس من أصول الإيمان وهو الإيمان باليوم الآخر ، فأهل السنة والجماعة يؤمنون باليوم الآخر وهو يوم القيامة ، سمي آخر لأنه دُبر الدنيا ، الدنيا ثم يوم القيامة ، حين تقوم الساعة تذهب الدنيا ، والدنيا هي اليوم الأول ، وتقوم الساعة وهو اليوم الآخر ، ويجازى الناس بأعمالهم في هذا اليوم الآخر.

وفيه تنصب الموازين ، ويحاسب الناس ، ويوفون أعمالهم ، ويُعطى هذا كتابه بيمينه ، وهذا كتابه بشماله ، فمن أُعطي كتابه بيمينه فهو الرابح والسعيد فله الجنة والكرامة ، ومن أُعطي كتابه بشماله فهو الخاسر ، وله النار يوم القيامة.

ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله عن الآخرة ، عن يوم القيامة ، عن الجنة ، والنار ، والجزاء ، والحساب ، وغير ذلك ، كل داخل في الإيمان باليوم الآخر.

والأصل السادس الإيمان بالقدر ، هو علم الأشياء قبل أن تكون ، علمها سبحانه ، وقدرها ، فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وعلم أعمال العباد ، وما يقع في هذه الدار ، وما يقع في الآخرة ، كل ذلك عَلِمَهُ سبحانه وأحصاه ، وكتبه.

فالمسلمون تلقوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم الإيمان باليوم الآخر ، كما دل عليه القرآن: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ....} (136) سورة البقرة] ، إلى آخره ...

المسلمون يتلقون إيمانهم عن رسولهم صلى الله عليه وسلم ، وعن كتاب ربهم بهذه الأصول الستة ، الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره.

فتؤمن بأن الله علم الأشياء كلها ، وأنه أحصاها ، وكتبها ، وأنه سبحانه هو القادر على كل شيء ، العالم بأحوال عباده ، وأن العباد لن يخرجوا عن قدر الله وما سبق في علمه سبحانه وتعالى.

ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بذلك قالوا: يا رسول الله إذا كان الله قد قدر كل شيء أفلا نتكل على كتابنا وندعوا العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خُلق له.
أما أهل السعادة ييسروا لأعمال أهل السعادة ، وأما أهل الشقاء ييسروا لأعمال أهل الشقاء ، ثم قرأ قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(7)وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى(8)وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى(9)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى(10) [سورة الليل].

ومن الإيمان بالله أيضاً ، الإيمان بأسمائه وصفاته كما أنه داخل بذلك الإيمان بشرائعه من صلاة ، وزكاة ، وصوم ، وحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر إلى غير ذلك ، كل داخل في الإيمان بالله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما قال رجل: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل أحداً غيرك؟ قال: قل آمنت بالله ثم استقم.

كل شيء داخل في الإيمان مما أمر الله به ورسوله داخل في الإيمان بالله ، وهكذا قال جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (30) سورة فصلت].

فمن آمن بالله رباً ، إلهاً ومعبوداً بحق ، واستقام على دينه ... هذا هو دين الله ، وهذا هو الإسلام ، وهذا هو الإيمان ، وهذا هو الهدى ، وهذه هي العبادة التي خلقنا لها ، الإيمان بالله ثم الاستقامة ، الإيمان بالله رباً ، وإلهاً ، ومعبوداً بالحق ، والإيمان بكل ما شرع من الأوامر والنواهي والعمل بذلك.
هذا كله عبادة ، وهذا هو الدين ، وهذا هو الإيمان بالله ، هذا هو الإسلام ، هذا هو الهدى ، هذا هو التقوى.

ومن الإيمان بالله الإيمان بأسمائه وصفاته ، كل داخل في الإيمان بالله ، الإيمان بأنه سبحانه حكيم عليم ، رحمن رحيم ، على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم وأنه سبحانه بيده تصريف الأمور ، والقادر على كل شيء ، وإليه مصير العباد.
فالإيمان بكل أسمائه وصفاته كل ذلك داخل في الإيمان بالله.

فعلى المكلف أن يؤمن بالله رباً ، وإلهاً ، ومعبوداً بالحق ، وعليه أن ينقاد لشريعته فعلاً للمأمور ، وتركاً للمحظور ، هكذا الإسلام ، وهكذا الإيمان ، إيمان بالله يتضمن أداء فرائضه ، وترك محارمه ، والوقوف عند حدوده ، والإيمان بأسمائه وصفاته ، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله مما كان وما يكون.

وصفاته وأسماؤه توقيفية ، تؤخذ من كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالمؤمن يؤمن بذلك ، يؤمن بكل ما دل عليه كتاب الله من أسمائه وصفاته ، وبكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة من أسماء الله وصفاته ، كل ذلك داخل في الإيمان بالله.
مع الإيمان بأنه سبحانه ليس كمثله شيء ، له الكمال المطلق في علمه ، وتوحيده ، وفي قدرته ، وفي حكمته ، وفي كل أسمائه وصفاته {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(11) [سورة الشورى].

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1){اللَّهُ الصَّمَدُ} (2){لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3){وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4) [سورة الإخلاص].

ويقول سبحانه: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (74) سورة النحل].

فله الكمال المطلق في علمه ، وقدرته ، وحياته وفي كل شيء سبحانه وتعالى ، لا شريك له ، ولا شبيه له ، ولا كفء له.

وأسماؤه وصفاته جاءت مفصلة ومجملة ، فصلها في الإثبات إن الله عزيز حكيم ، وهو الغفور الرحيم ، سميع بصير ، عليم حكيم ، على كل شيء قدير ، مفصلة في إثباتها.
مجملة فيما فيها ، جمع سبحانه بين النفي والإثبات ، نفي مجمل ، وإثبات مفصل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ، {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ} ، كل هذا نفي مجمل ، فيه نفي مفصل {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} ، ولكنها قليل ، فالغالب على النفي الإجمال من النقائص والعيوب ، والمشابهة لخلقه ، وفصل صفاته الثابتة فصلها في كتابه العظيم {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [سورة الحـج/75] ، [سورة لقمان/28] ، [سورة المجادلة/1] ، {إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (28) سورة التوبة ، {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَآ إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (22) سورة الحشر] ، {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَآ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } (23) سورة الحشر] ، {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَآء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (24) سورة الحشر] إلى غير هذا من ... أسمائه وصفاته جل وعلا.
فعلى العبد أن يؤمن بذلك بكل ما أخبر الله به ورسوله من أسماء الله وصفاته ، على الوجه الذي يليق به سبحانه ، لا يشابهه خلقه في شيء من صفاته ، نؤمن بذلك على الوجه الذي يليق به سبحانه ، ليس له مثيل ، ولا نظير ، ولا كفء ، ولا ند ، جل وعلا.
فعِلْمه كامل ليس كعلمنا ، قدرته كاملة ليست كقدرتنا ، بصره كامل ليس كبصرنا ، وهكذا بقية الصفات سبحانه وتعالى ، وهكذا يسمع ويبصر ، ليس كسمعنا وبصرنا ، بل هو أكمل وأعظم ، وهكذا موصوف بأن له يد {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (64) سورة المائدة ، سميع بصير ، وله قدم ، كما في الحديث الصحيح: لا تزال جهنم يلقى فيها ، وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الجبار فيها رجله ، وفي رواية: (قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض ، ثم تقول: قط قط ، يعني حسبي حسبي.

لا مثيل له في سمعه ، ولا في بصره ، ولا في يده ، ولا في وجهه ، ولا في قدمه ، ولا في غير ذلك.

{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (27) سورة الرحمن]

{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (88) سورة القصص]

هذه الصفات التي وصف بها نفسه ، نَصِفُهُ بها ، ونقول كما قال: له وجه ، وله يدان ، وله سمع ، وله بصر ، وله قدم ، وأصابع ، كلها تليق به ، لا يشابهه الخلق في شيء من صفاته جل وعلا.
في الحديث الصحيح: (إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء).

وعرفنا أن الإيمان بالكتب يشمل الإيمان بجميع الكتب ، المفصلة ، والمجملة نؤمن بكتب الله المنزلة على رسله وأنبيائه ، وما سمى الله نسميه التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، وصحف إبراهيم ، وصحف موسى ، ما سماه الله نسميه ، وأعظمها القرآن وهو خاتمها.

وهكذا الملائكة نؤمن بهم إجمالاً وتفصيلاً ، من سماه الله سميناه كجبرائيل ، وميكائيل ، ومن لم يُسَمِّهِ الله نقول: لله ملائكة لا يحصيهم إلا الله جل وعلا.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن البيت المعمور الذي فوق السماء السابعة، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون ، كل يوم سبعون ألف ملك للتعبد ثم لا يعودون إليه ، لا يحصيهم إلا الله جل وعلا.

وله ملائكة يتعاقبون فينا ، يشهدون معنا الصلوات ، فإذا صلى الناس الفجر ، عرج الذين باتوا فينا ، وبعد العصر يعرج الذين كانوا فينا بقية النهار ، ينزل أهل الليل فيجتمعون من صلاة العصر إلى صلاة الصبح ، ملائكة يتعاقبون فينا ، يشهدون على أعمال العباد ، وما شاهدوا منه ، يشهدهم ربهم وهو أعلم ، إذا عرجوا إليه ، كيف تركتم عبادي؟ ، فيقولون: تركناهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون.

ومعك أنت يا عبد الله ، كل واحد منا معه ملك يكتب أعماله ، ملكان هذا يكتب حسناته ، وهذا يكتب سيئاته {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (18) سورة ق]
{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} (10){كِرَامًا كَاتِبِينَ} (11){يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} (12) سورة الانفطار].

فجدير بك يا عبد الله أن تحرص على إملاء الخير على هؤلاء الملائكة ، أملي عليهم ما ينفعك ،ويرضى الله عنك من التسبيح ، والتهليل ، والتحميد ، والتكبير ، والدعوة إلى الله ، وتعليم الخير ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، إلى غير هذا من وجوه الخير ، وهكذا العمل ، يكتبوا لك كل شيء.

وعلينا أن نؤمن باليوم الآخر ، علينا جميعا ، على جميع المكلفين من الجن والإنس الإيمان باليوم الآخر ، يدخل فيه كل ما أخبر الله به ... واقعا ، كله داخل في الإيمان باليوم الآخر ، الجنة ، والنار ، والحساب ، والجزاء ، توزيع الكتب على الناس ، ويمرون الصراط يوم القيامة ، والمرور على الصراط إلى الجنة ، إلى غير هذا من كل ما أخبر الله به ورسوله في اليوم الآخر.

علينا أن نؤمن بذلك ، وأن الله يبعث عباده بعد مماتهم في عهد الزمان عند قيام الساعة يُرسل الله ريحاً طيبة تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات ، فلا يبقى إلا الأشرار في خفة الطير وأحلام السباع( ) ، يأتيهم الشيطان ويزين لهم الشرك بالله ، وعبادة غير الله ، فيعبدون غير الله ، وتمتلئ الأرض من شركهم وكفرهم وضلالهم ، وعليهم تقوم الساعة ، نسأل الله العفو.

فالله جل وعلا يحكم بين عباده يوم القيامة ، ويجازيهم بأعمالهم إن خير فخير وإن شر فشر ، كما قال جل وعلا: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَآؤُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى} (31) سورة النجم]

قال جل وعلا: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (7){وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (8) سورة الزلزلة].

قال سبحانه: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (40) سورة النساء].
ويقول سبحانه: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } (47) سورة الأنبياء].

فجميع أعمال العباد يوفون إياها ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، تنصب الموازين يوم القيامة توزن فيها أعمال العباد ، فهذا يثقل ميزانه ، وهذا يخف ميزانه ، {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} (6){فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } (7){وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} (8){فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } (9){وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} (10){نَارٌ حَامِيَةٌ} (11) سورة القارعة] ، من ثقلت موازينه: أُتي كتابه بيمينه ، ومن خفت موازينه : أتي كتابه بشماله ، والعصاة أمرهم إلى الله ، من ماتوا على المعاصي والسيئات فأمرهم إلى الله ، من شاء سبحانه عفا عنه وأدخله الجنة ، وصار من أهل اليمين من أهل النجاة والسعادة ، ومن شاء سبحانه أدخله النار بذنوبه ومعاصيه ، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار ويلتحق بإخوانه في الجنة.

وأهل الجنة فيها منعمون أبد الأبد ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يمتخطون ، ففي نعيم دائم وخير زائد ، وهذا الطعام والشراب جشاء ورشح( ) ، لا بول ولا غائط ، ولا مخاط ، ولا بصاق.

وأهل النار في عذاب وبلاء أبد الأبد نسأل الله العافية ، يريدون أن يخرجوا من النار ، وما هم بخارجين ، ولهم عذاب مقيم {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (167) سورة البقرة].

{وَسُقُواْ مَآء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ} (15) سورة محمد].

هذه هي نهاية الناس ، هذه هي النهاية ، فجدير بالعاقل أن تكون هذه النهاية على باله ، وأن لا يغفلها ، فلا بد منها ، ومن مات فقد قامت قيامته ، فليحذر العبد أن يغفل ، وأن يجالس الأمور فإن الغاية من ذاك أن يعد لهذا اليوم عدته ، وليحرص قبل أن يهجم عليه الأجل على العدة الصالحة ، على الزاد الصالح من طاعة الله ورسوله ، والقيام بحقه ، والاستقامة على دينه وذلك بفعل أوامر الله وترك نواهي الله ، هذه هي العدة الصالحة أن تستقيم على دين الله ، وأن توحد ربك ، تخصه بالعبادة ، وأن تؤدي فرائضه من صلاة وغيرها ، وأن تنتهي عن نواهيه ، وأن تقف عند حدوده ... وتخشى عقابه ، هذه عدة ، العدة التي أنت مأمور بها ومخلوق لها ، أن تعبد ربك وحده وتشهد أنه لا إله إلا الله ، لا معبود بحق إلا الله ، وأن محمدا عبد الله ورسوله ، وتؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ، وتؤدي فرائض الله التي فرضها عليك بإخلاص له سبحانه ورغبة فيما عنده ومحبة ، وتنتهي عن نواهي الله عن إيمان وصدق وإخلاص ، وتقف عند حدود الله مؤمناً بالله ورسوله ، مؤمناً بأن الله قدر الأقدار ، وشاء ما شاء سبحانه وتعالى ، وذلك أن تؤمن بالقدر خيره وشره ، وأن تعلم أن الله علم الأشياء وكتبها ، وأنه الخالق لكل شيء ، وأن ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، سبحانه وتعالى.

ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان أيضاً بأن الله يُرى يوم القيامة ، إذا جاء لفصل العباد ؛ يراه المؤمنون ، ولا يراه الكافرون {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (15) سورة المطففين] يعني يوم القيامة ، وهم يرونه ، فيكشف لهم عن ساقه ، وينظرون إليه ويكلموه ، ويحييهم سبحانه وتعالى ، ثم في الجنة يرونه سبحانه ، يراه المؤمن في الجنة كما يشاء سبحانه وتعالى.
وما أعطاهم شيئاً أحبَّ إليهم من النظر لوجهه( ) كما قال تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَة} (26) سورة يونس] ، الحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله.

والمسلمون إذا انتهوا من الموقف يمرون على الصراط المنصوب بين الجنة والنار ، أصله في الأرض ونهايته إلى الجنة ، يَمُرّ عليه المؤمنون ، ويُمْنَعُ منه الكافرون.

فاحرص على العدة التي تكون سببا في تيسير مرورك ، من الإيمان بالله والتقوى ، عليه كذلك يخطف الناس بأعمالهم ، منهم من يخطف ويسقط بسب معاصيه ، والكفار لا يمرون عليه بل يساقون إلى النار ، ويحشرون إليها ، كما ضيعوا أمر الله وأشركوا به ، وكفروا به ، يحشرون إليها.

ومن الإيمان باليوم الآخر ، الإيمان بأن المؤمن مخلد في الجنة أبد الأبد ، ونعيمهم فيها متفاوت ، قصورهم ، ونعيمهم ، وزوجاتهم مختلف في ذلك ، منهم من يعطى زوجات كثيرات ، ومنهم من هو أقل من ذلك ، ولكل واحد زوجتان من الحور العين ، كل واحد زوجتان من الحور العين ، غير زوجات من الدنيا ، غير ما يعطى من زوجات من الحور العين ، كل واحد لا ينقص من زوجاته من الحور العين مع ما له من زوجات الدنيا ؛ فالنساء في الجنة ، أكثرهن أهل النار ، في الجنة أكثر معهم حور العين ، وفي النار أكثر لما يكثر منهن من الإضاعة لأمر الله ، والمعاصي الكثيرة..... ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (رأيتكن أكثر أهل النار ، فقالت إحداهن: لم يا رسول الله قال: لأنكن تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير)( ) ، يعني تكثرن السب والشتم ، وتكفرن الأزواج والإحسان ، لو أحسن الزوج إلى إحداكن الدهر ، ثم رأت منه شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط ، هذا أصل الأغلبية، إنكار الجميل عند أقل شيء من الزوج ، فلهذا كن أكثر أهل النار بسبب المعاصي ... وكفران العشير ، وعدم الإيمان بالله ورسوله.

وهن أكثر أهل الجنة لما معهن من الحور العين ، فالمؤمنات في الجنة مع أزواجهن المؤمنين ولأزواجهن مزيد من الحور العين ، لكل واحد زوجتان من الحور العين ، وقد يزاد لبعضهم زوجات كثيرات على حسب أعمالهم الصالحة ، لكن أقلهم له زوجتان من الحور العين ، غير نصيبه من زوجات الدنيا.

ومن أخبار اليوم الآخر أن أهل الجنة يتزاورون فيها ، وهم في نعيم دائم ، لا يتغوطون ، ولا يبولون ، ولا يتفلون ، قلوبهم قلب رجل واحد ، على قلب رجل واحد ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، يسبحون الله بكرة وعشية ، يتنعمون بالتسبيح والتهليل ، والتحميد ، والتكبير ، وذكر الله عز وجل ، وهم مع تداولهم و...منازلهم في الجنة لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، كل واحد منهم يرى أنه في نعمة لا شبيه أيضا بالنعيم العظيم الذي لا يعتريه حزن ، ولا مضايقة ، بل في نعيم دائم وسرر دائم مع لقائه الإخوان في الأوقات التي يشاؤها الله ، ولهم مواعيد مع ربهم يزورونه ، ويسلمون عليه ، وينظرون إلى وجهه الكريم على حسب مراتبهم ، كل هذا من الإيمان باليوم الآخر.
ولهم يوم المزيد ، يوم يجمع الله فيها أهل الجنة ويزورونه ، وينظرون إليه ، ويسلم عليهم ، ويحادثهم سبحانه وتعالى.

ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بأن جميع الخلائق يوفون أجورهم ذلك اليوم ، ما أحد يضيع حقه ، كل يُعطى حقه من مسلم وكافر ، ولو مثقال ذرة ، لا يضيع ولو مثقال ذرة {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (7){وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (8) سورة الزلزلة].

فالواجب على كل مكلف من الرجال والنساء أن يعد العدة لهذا اليوم ، وأن يكون على باله ... وأن يتقي الله ، ويستقيم على دين الله ، ويحافظ على ما أوجب الله من صلاة وغيرها ، وعلى المرأة كذلك أن تؤدي حق الله ، وأن تستقيم على دين الله ، وأن تفقه في دين الله ، وأن تؤدي حق زوجها في المعروف ، وأن تحذر كفر العشير ، وإيذاء الزوج بغير حق ، وعلى الزوج أن يتقي الله في أهله ، وأن لا يظلمهم ، قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(19) سورة النساء] ، فعلى الزوج أن يتقي الله ، وأن يعاشر بالمعروف ، وعلى الزوجة أن تتقي الله ، أن تسمع وأن تطيع ...بالمعروف ، وعليهما أن يتعاونا على البر والتقوى ، وعلى طاعة الله ورسوله حتى تكون زوجته في الجنة ، وحتى يكون زوجها في الجنة.

ومن الإيمان باليوم الآخر الحوض المورود ، للنبي حوض يوم القيامة يورده الناس ، حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر ، وآنيته عدد نجوم السماء ، آنية كثيرة يردها المؤمنون ، أتباع النبي صلى الله عليه وسلم يَرِدُونَهُ ، ويشربون منه يوم القيامة ، ويلاذ عنه من كفر بالله وخالف أمره ، يلاذ عنه الكافر الذي لم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم ، أو ارتدوا بعد وفاته ، يلاذون عنه ، ويحرمون منه ، كما يحرمون من دخول الجنة ، ويردُهُ المؤمنون ويشربون منه ، من هذا الحوض المورود ، كل هذا من أخبار يوم القيامة ، وهو يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة ، يوم طويل عظيم ، لكن لا ينتصف إلا وقد صار أهل الجنة إلى منازلهم قال تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} (24) سورة الفرقان]
عند أهل السنة فقد وصلوا إلى منازلهم وتبوؤوا منازلهم ، وتنعموا فيها {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} (24) سورة الفرقان].

و... وطول الحساب ، والله جل وعلا هو الحكيم العليم الذي يوفيهم بأعمالهم خيرها وشرها ، هو الحكم العدل {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (17) سورة غافر] ، {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } (40) سورة النساء] ، {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } (47) سورة الأنبياء].

أنت يا عبد الله حاسب نفسك ، هكذا أنتِ يا أَمة الله حاسبي نفسك ، كل يحاسب نفسه ، ينظر ، ماذا قدم؟ ، ماذا فعل؟ ، هل أدى حق الله؟ ، هل استقام على دين الله؟ ، هل أدى واجب الله؟ ، هل ترك محارم الله؟ ، هل وقف عند حدود الله؟ ، هل أدى ما عليه لإخوانه؟ ، وهكذا الزوج يحاسب نفسه ، هل أدى حق زوجته؟ ، هل أنصفها؟ ، هل أدى حق والديه؟ ، هل أدى حق أولاده و أَقْرِبَائِهِ؟ ، وهكذا الزوجة ، المرأة تحاسب نفسها ، تنظر ، هل أدت حق زوجها؟ ، هل أدت حق والديها وأقاربها؟ ، كله مطلوب ، كما أن عليه أن يؤدي حق الله ، فكذلك حق المخلوق أيضاً ، حق الله أعظم وأكبر ، ولكن أوجب عليك حقوقا لغيرك ، أوجب عليك حقاً لوالديك ، ولزوجتك ، ولأولادك ، ولإخوانك المسلمين ، عليك أن تؤديها ، وهكذا المرأة عليها أن تؤدي حق الله الذي عليها من ربها ، ولزوجها ، ولأقربائها ، وللمسلمين.

ومن الحق على الجميع الدعوة إلى الله ـ تعليم الناس الخير ، والنصح لله ولعباده ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، هذا من حق الله على الجميع ، التواصي بالحق ، والتناصح ، {وَالْعَصْرِ} (1){إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (2){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3) سورة العصر].

من الحقوق على الجميع التعاون على البر والتقوى ، يقول سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} (2) سورة المائدة]

فالواجب على كل إنسان أن يحاسب نفسه ، فيؤدي الحق الذي عليه لله ولعباده ، ولا شك أن من حاسب نفسه وناقشها .... فعليه أن يكمل ، عليه أن يستقيم ، وعليه أن يجاهد نفسه لله حتى يؤدي الحقوق التي لله ولعباده.

وأهل السنة والجماعة يؤمنون أيضاً بكلام الله ، وأنه يُكلم أهل الجنة ، ويُكلم عباده يوم القيامة ، ويسمعون كلامه سبحانه وتعالى ، ويُسلم على أهل الجنة ، ويقول: هل رضيتم؟ فيقولوا: يا ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعطي أحدا من خلقك ، ألم تثقل موازيننا ، ألم تدخلنا الجنة ، ألم تنجينا من النار ، قال: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ قالوا: وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أحِلُّ عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبداً)()....

وجميع ما يقوله أهل السنة والجماعة كله موزون بالكتاب والسنة والإجماع ، فدين الله مبني على هذه الأصول الثلاثة .
• كتاب الله القرآن .
• وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
• وعلى إجماع سلف الأمة .

وأهل السنة وأهل الجماعة هم المستقيمون على دين الله ورسوله ، هم المتبعون للحق ، هم المنقادون لشرع الله ، هم أهل السنة والجماعة ، ومن ...خالفهم هم أهل البدع ، قد أخبر صلى الله عليه وسلم أن أمته تفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، فهذه الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة ، هم المستقيمون على دينه ، وعلى اتباع شريعته هم أهل السنة والجماعة ، هم الفرقة الناجية ، واثنتان وسبعون متوعدون بالنار ، إما لكفرهم ، وإلا لبدعهم ومخالفتهم ، أما أهل السنة والجماعة فهم الذين استقاموا على دين الله أولا: عملاً وعقيدة ، واتباع شرع الله ، والنصح لله ولعباده ، وتباعدوا عن مساخطه ....هم أهل الحق ، هم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ، وأتباعهم في الشرع ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم ، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا ، وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، كما نسأله سبحانه أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، وأن يمنحهم الفقه في الدين ، وأن يوليَ عليهم خيارهم ، ويصلح قادتهم ، كما نسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير ، وأن يعينهم على كل خير ، وأن يصلح لهم البطانة ، وأن يجعلهم من الهداة المهتدين ، وأن يعيذهم من دعاة الباطل ، ونزغات الشيطان ، ومن كل ما يخالف أمره سبحانه ، وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام ، وأن ينصر بهم الحق ، ويخذل بهم الباطل ، إنه جل وعلا جواد كريم ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه.



رحمك الله يا شيخ رحمة واسعة .

لقد أخطأ في حقك من قال: مفتي الديار السعودية ، بل أنت مفتي كل الديار الإسلامية.
رحمك الله ، رحمك الله ، رحمك الله ، آمين ، آمين.



أبو تقي الدين ناصر الدين الجزائري
الجزائر: يوم: 23/محرم/1425 الموافق لــ 14/03/2004

رد مع اقتباس
قديم 06-12-2010, 02:19 AM   رقم المشاركة : [2]
liooon
عضو
 
افتراضي

شكرا يا اااا ابقي حتي اكتب اي اسم ....

ابقي اعملنا ملخص كده
والخط الله يباركلك كبره شويه

انا بشوف بالعافيه يا جدعان


liooon غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للامام, المسلمين, عقيدة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع