عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2009, 07:11 PM   رقم المشاركة : [2]
بسمة ناصر
عضو
 
افتراضي سيكولوجية النظام الذاكري عند الإنسان

سيكولوجية النظام الذاكري عند الإنسان
د. وليد أحمد المصري
تعتبر مسألة الذاكرة من أكثر مسائل علم النفس إثارة للجدل والدراسة نظرا لأهميتها في نقل المعارف والحضارة من جيل لآخر. فلا يمكن أن يتقدم الإنسان بأي شكل من الأشكال، أو أن يتعلم دون امتلاكه ذاكرة حية، ودون قابلية الدماغ لحفظ المعلومات وخزنها مما سيضطر الإنسان إلى إعادة ما يتعلمه كل يوم.
فالذاكرة هي المسؤولة عن القفزة الحضارية الهائلة، ولولاها لظل الإنسان مثله مثل القردة، ولصارت الحياة كئيبة دون قراءة وكتابة ودون اكتشافات وعلوم. فهي ذلك اللغز الذي طالما حير العلماء ودفعهم إلى البحث والتقصي عن حقيقتها وماهيتها.
لقد كانت الذاكرة موضوعا حيويا حفز الباحثين والعلماء للغوص في غياهب الدماغ بغية كشف أسراره. فقد قام عالم النفس (لاشلي) بدراسات تجريبية تناولت الدماغ والسلوك وحاول إعطاء إجابات عن مشكلة النظام الحيزي (المكاني) للذاكرة في الدماغ. ولم يشك (لاشلي) أبدا في أنه لكي نفهم السلوك يجب أن نفهم الدماغ أولا.
إن السؤال المطروح: ماهي التغيرات الفيزيائية والسيكولوجية التي يجب أن تحدث في الدماغ بهدف انتقال المعلومات إلى مستودع الذاكرة طويلة المدى؟ حالما تتوارد المعلومات لتصل إلى الذاكرة طويلة المدى، فإن قسما من تلك المعلومات يمكن أن يتعرض للتغيير أو حتى النسيان. وبعد ذلك فقط يعاد تنظيم الأشياء والمعلومات لترسل إلى الحفظ الدائم.
وسنعطي مثالا بسيطا يوضح ما المقصود بإعادة التنظيم عندما يتعلم الأطفال الانكليزية، في البداية هناك ضرورة للتمييز ما بين الحرفين (b,d) حيث يتلخص في أن تحدب الحرف (d) إلى اليسار. إما الحرف (b) فتحدبه إلى اليمين. وحالما يتقن الأطفال الحرفان بشكل جيد فإن إعادة تنظيم الآثار الذاكرية يسمح لهم بالتعرف عليهما بدون تحليل للسمات أو العلامات المنفصلة.
لقد تم الحصول على معطيات مماثلة لدى دراسة المرضى الذين خضعوا للعلاج بالصدمة الكهربائية- shock elecotro، فمن المعروف أن الصدمة الكهربائية تؤدي إلى تأثير مدمر خصوصا على قرن أمون.
وبصورة عامة بعد علاج المريض بالصدمة الكهربائية عانى من فقدان ذاكرة جزئي للأحداث التي جرت في غضون عدة سنوات سبقت العلاج. أما الذاكرة الأكثر بعدا فقد حافظت على الآثار الذاكرية.
الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى:
أولا- الذاكرة قصيرة المدى:
تمثل الذاكرة بعدد من الأطوار، فعلى سبيل المثال، هناك ذاكرة غير مستمرة، وهي ذاكرة مباشرة تماما حيث تحفظ المعلومات لثوان معدودات فقط.
عندما نسافر بالسيارة إلى مكان ما ونشاهد السباحين على شاطىء البحر وننظر إلى المناظر الخلابة.. عند ذلك نحتفظ في ذاكرتنا بالأشياء والظواهر التي رأيناها خلال ثانية أو ثانيتين ليس أكثر. لكن بعض الموضوعات التي أعرناها اهتماما خاصا يمكن أن تنتقل من الذاكرة المباشرة إلى الذاكرة قصيرة المدى.
فالذاكرة قصيرة المدى يمكن أن تحتفظ بالمعلومات ولمدة بضع دقائق. تصور ماذا يحدث عندما يذكر صديق لك رقم هاتف أحدهم، في تلك اللحظة ليس لديك قلم لكتابته، فإنك تعتمد على ذاكرتك في حفظه. وعندما تتجه صوب مقصورة الهاتف للاتصال بأحدهم، وإذ بشيء ما يشتت انتباهك (كأن يكلمك أحدهم أو ترمي قطعة النقود على الأرض) فاحتمال كبير أن تنسى ذلك الرقم ليحصل هناك تشابك بالأرقام. فالذاكرة قصيرة المدى تحتفظ بالقليل من الانطباعات والمعلومات وذلك لأن مستودعها صغير جدا لايتجاوز أي من المواد المذكورة (+_7) عناصر وهذا الرقم يعني (7+2) أو (7-2) هو الحجم المتوسط للذاكرة الإنسانية القصيرة المدى فعلى سبيل المثال ليكن لدينا الأرقام التالية 65-39-481 فإنها تمثل سبع وحدات، أما الأرقام 78-56-234 فيمكن عدها مجموعة واحدة. وإذا نظرنا إلى كل رقم من تلك الأرقام بصورة مفردة فإنه يمثل وحدة. أما إذا نظرنا إلى مجموع الأرقام مجتمعة فإنها تمثل وحدة متكاملة وتدرك على هذا الأساس.
إن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بالاستراتيجية التي تتبعها الذاكرة قصيرة المدى؟ في الواقع هناك أسلوبان تلجأ إليهما هذا الذاكرة:


ثانيا- الذاكرة طويلة المدى:
تتسم هذه الذاكرة نسبيا بالديمومة وثبات الاحتفاظ بالأشياء والمواد المدركة. وهي تنشأ من خلال التراكم المعرفي وادخار المعارف والخبرات التي يحتفظ بها الانسان فالذاكرة طويلة المدى هي استرجاع معقد يتم بشكل بطيء وباستخدام وسائل مختلفة. تحتفظ بالمعلومات لمدة طويلة جدا وذلك بسبب التنظيم وفق معايير متعددة (املائية- منطقية- نحوية- إيقاعية..) وهي ذات طابع منظومي بعيد عن العشوائية يشمل مستودعها معلومات متنوعة إلى أقصى حدود التنوع، وهي على نوعين كما يشير تولفنيك Tulving.
1- الذاكرة المعنوية: الاحتفاظ بكل مانحتاجه من أجل الكلام (الكلمات، التراكيب اللغوية الرموز الموضوعات، المعاني والأسماء وكذلك القواعد مثل الخصائص الفيزيائية). أي ترتبط الذاكرة المعنوية بتلك الحقائق التي لاترتبط بزمن معين أو مكان ما، وإنما تمثل حقائق عامة.

إذا فالذاكرة طويلة المدى لاتتأثر بالاصابات التي تصيب قرن آمون. فعجز الانسان عن التذكر بعد إصابة حصان البحر يمثل عجزا في تثبيت المعلومات وتوطيدها Consolidation، حيث يظهر الإنسان وكأنه قادر على دفع المعلومات من مستودع الذاكرة قصيرة المدى إلى مستودع الذاكرة طويلة المدى، كما أنه ينسى بصورة سريعة ومتدرجة ماسمعه منذ مدة ليست بعيدة.
1- أسلوب التكرار: حيث يرى بعض الباحثين أن عملية التكرار مناسبة للنطق غير الصوتي "عقليا" لأن كل إعادة تؤدي وظيفة الادخال الأول للعنصر نفسه إلى الذاكرة قصيرة المدى. وهكذا يعد التكرار مفيدا في إبقاء المعلومات مخزنة في الذاكرة قصيرة المدى، أضف إلى ذلك فإن بعض المعلومات والموضوعات الموجودة في الذاكرة قصيرة المدى يمكن أن تنتقل إلى مستودع الذاكرة طويلة المدى حيث يمكن أن تحفظ وتخزن هناك لساعات طوال تمتد على طول حياة الانسان. والشرط اللازم لنقل تلك المعلومات من مستودع الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد هو التكرار. 2- طريقة التصوير السمعي: أسلوب آخر تعتمده الذاكرة قصيرة المدى، فحتى لو دخلت المعلومات والخبرات والانطباعات إلى الذاكرة قصيرة المدى على شكل صور بصرية أو لمسية أو سمعية فإنها تترجم أو تحول إلى صور سمعية إذا كانت قابلة أو سهلة التحول إلى ذلك. 2- ذاكرة الأحداث: وهي المسؤولة عن خزن الزمان والمكان مثال.. تزوج صديقي يوم الخميس في شباط 2005. وهذه الذاكرة أكثر عرضة للنسيان من الذاكرة المعنوية.


بسمة ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس