محمود سعد عن الفساد.. وعن شحاتة!

[بسمة ناصر]

محمود سعد عن الفساد.. وعن شحاتة!

الآن أكتب عن حسن شحاتة.


نعم.. أنا لست كروياً ولا أفهم في الكرة الفهم الذي يجعلني أستطيع أن أفهم ماذا حدث في مباراة أمريكا.. وأين العيب وأين الخطأ؟ وأترك ذلك لخبراء الكرة، وهم، والحمد لله في مصر، لا يقلون عن 50 أو 60 مليونًا.. والكل بيفهم والكل بيفتي!!

ولكن لا بأس؛ فتلك هي الكرة معشوقة الملايين.. ومن حقهم أن يشاركوا في الرأي ويؤيدوا هذا ويرفضوا ذاك.

ولذا فإنني أكتب عن فكرة عامة.

فكرة طرأت في خاطري بعد انتهاء المباراة.

أدركت علي الفور أن سلسلة من الهجوم سوف تبدأ علي حسن شحاتة ولن تتوقف.. وأن السكاكين سوف تُـرفع، وهذا ما حدث وحدث ما هو أبشع منه، في الفضاء، حيث الهواء للجميع، انطلقت أصوات توجه للمنتخب الرائع اتهامات حقيرة، والحجة أنها مكتوبة في بعض الصحف الأفريقية!!

ولن أشارك في هذه الجريمة أو المهزلة وأردد في سطوري هذا الكلام الحقير المستحيل حدوثه بكل المقاييس..

وأعود لفكرتي..

تأمل معي عزيزي القارئ بهدوء.

احْسبها معي بالعقل ودون تعصب.

كي تدرك الفارق الشاسع بين حسن شحاتة والمنتخب وهؤلاء الذين نحترمهم ونقول لهم: سيادتك ويا أفندم.. وهم ينكدون علينا كل يوم وليلة ولحظة وثانية.. وحسن شحاتة وأولاده يسعدوننا أيامًا وشهورًا ويغضبوننا بعض الوقت.

مَنْ الأفضل.. مَنْ الأحسن؟!

هذا الذي يغضبك ويحزنك، بل يسرقك كل الوقت.

أم هو هذا الذي يبذل قصاري جهده لإسعادك.. وبالفعل يسعدك أحيانًا.. ويغضبك أحياناً؟!

مَنْ الذي يستحق الحب من الاثنين؟!

فكر وأجب.

إننا أمام مجتمع عشش فيه الفساد، وعندنا العديد من المسئولين الذين يصدرون قرارات يومية مهمة وهم لا يفهمون شيئاً.. وتكون هذه القرارات غالباً مؤذية للشعب.. للناس. ومع ذلك لا يحاسبهم أحد، بل إنهم يحظون بكل الاحترام والتقدير، بل الأوسمة. وهذا ليس رأيي الشخصي، إنه رأي الدراسات والأبحاث والأرقام وبعض المسئولين أنفسهم.

ألا تذكرون معي المقولة الشهيرة للدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وهو يقول، تحت قبة مجلس الشعب: إن الفساد في المحليات وصل «للركب». وتعلمون أيضاً أن مجلس دعم اتخاذ القرار والمعلومات الذي يتبع مجلس الوزراء أعد بحثاً، كانت نتيجته أن الفساد بين الموظفين- كباراً وصغاراً- وصل إلي 66 في المائة.

يعني من كل 100 مسئول هناك 66 مسئولاً فاسداً!!

مجتمع هذا حاله.. كيف تتوقع عزيزي القارئ أن يكون هناك إنجاز.. أو انتصار.. أو تقدم؟!

وعلي رأي الإعلان اللي بيقول: احسبها صح.. «تعيشها» صح..

وأقول: احسبها صح.. تفهمها صح.. وتدرك الآتي:

إن حسن شحاتة من أشرف وأشجع وأنزه الرجال في مصر.

وإن حسن شحاتة يبذل مجهوداً خارقاً من أجل إسعاد الملايين.

وإن حسن شحاتة إن لم يكن الأهم فهو من أهم مدربي المنتخب المصري.

وإن حسن شحاتة حقق إنجازات غير مسبوقة، وجميعكم تعرفونها أكثر مني.. فلقد اتفقنا أنكم جميعاً تفهمون في الكرة.

وإنها ـ وهذا أمر مهم ـ هي الكرة الساحرة المستديرة يوم لك ويوم عليك وإلا لكانت دولة واحدة تحرز كأس العالم في كل مرة.

وإلا لكانت الهزائم مؤكدة لفرق معينة والانتصارات مؤكدة لفرق أخري.

مَنْ منا كان يتوقع أن تحرز مصر ثلاثة أهداف في مرمي البرازيل؟!

مَنْ منا كان يتخيل أن تفوز مصر علي إيطاليا؟!

بل مَنْ منا كان يتوقع أن تحرز مصر بطولة أفريقيا الأخيرة؛ إذ كنا نتوقع أن نخرج من الدور الأول؟!

إنها الكرة.

مكسب وخسارة.

نجاح وإخفاق.

مباراة جميلة وأخري سيئة.

قارن عزيزي القارئ بين أخطاء حسن شحاتة ولصوص المجتمع.. فماذا تكتشف؟!

حتماً ستكتشف أن حسن رائع وعظيم.. ومعروف لدي الجميع أن مَنْ يعمل كثيراً لابد أن تكون له أخطاء.. وحسن قد يكون أخطأ في تشكيلة مباراة أمريكا.. لكنه أجاد في مباراتي البرازيل وإيطاليا.

قبل أن تهاجموا حسن وأولاده.. تأملوا؛ إنه استطاع أن يحقق معجزة.. بأن خلق شيئًا جميلاً يفرحنا أحياناً وسط مناخ فاسد لا جميل ولا جمال فيه.

نعم لا جميل..

ولا جمال فيه!!