إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-01-2011, 04:08 PM
safy nada safy nada غير متواجد حالياً
مشرف
 

افتراضي ( ما لكم لا ترجون لله وقاراً )

مالكم لاترجون لله وقارا‏ وقد خلقكم أطوارا‏ ‏(‏نوح‏:13‏ ـ‏14)‏

الآيتان الكريمتان جاءتا في منتصف سورة نوح‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وآياتها ثمان وعشرون‏(28)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت باسم نبي الله نوح‏(‏ عليه السلام‏)‏ لأن المحور الرئيسي للسورة يدور حول قصته مع قومه من بدء دعوته لهم إلي عبادة الله‏(‏ تعالي‏)‏ وحده حتي اغراق المكذبين منهم بالطوفان‏,‏ ونجاة نوح‏(‏ عليه السلام‏)‏ ومن آمن معه‏,‏ وما في ذلك من تأكيد عدد من الدروس المستفادة من هذه الواقعة الفاصلة في تاريخ البشرية‏.‏

إن المرء يكاد يجزم بأن هذه الكلمات إنما خرجت منه عليه السلام والألم يعتصر قلبه، والدهشة والاستغراب يملآن جوانحه؛ أن يقابَل رب الأرض والسماء الذي أنعم على خلقه بكل ما يتمتعون به من نعم ظاهرة وباطنة بكل هذا الجحود والنكران، فخيره سبحانه وتعالى إلى الخلق نازل وشرهم إليه صاعد، يتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إليه بالكفر والمعاصي!

أراد نوح عليه الصلاة والسلام بهذه العبارة أن يلين القلوب القاسية ويحرك العقول المتحجرة ويذيب الأحاسيس المتبلدة، كيف لا تعظمون الله وتوقرونه {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً}؟ فلو نظر الإنسان لأطواره المتعاقبة وكيف أنه كما قال بعض السلف: "مبدؤه نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وبينهما يحمل العذرة" لاستصغر نفسه في جنب هذا الكون مترامي الأطراف {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)} [نوح]، فكيف في جنب مبدع هذا الكون ومنشئه على غير مثال، ومدبر أمره بلا ظهير!


إن أمر الله سبحانه أعظم مما يتصوره البشر، ولهذا لما أتى الحبرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم -كما في البخاري ومسلم- وقال: "يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}"، ولهذا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً آخر على المنبر فجعل "يقول هكذا بيده ويحركها، يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك أنا العزيز أنا الكريم فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به" كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الصحيح، وما هذا إلا من شدة تعظيم أعرف الخلق بربهم -صلوات الله وسلامه عليه- لربه عز وجل.


الدروس المستفادة من قصة نبي الله نوح مع قومه

‏(1)‏ التسليم بحاجة البشرية الي الهداية الربانية والتي بدونها لاتستقيم الحياة علي الأرض‏,‏ ولايتعرف الانسان علي حقيقة رسالته في الدنيا‏,‏ ولا علي مصيره من بعدها‏.‏

(2)‏ اليقين بأن من رحمة الله‏(‏ تعالي‏)‏ بعباده إرسال الأنبياء الواحد تلو الاخر من أجل هداية الناس الي دين الله الحق‏,‏ علي الرغم من إعراض الغالبية الساحقة من البشر عنهم‏,‏ ومحاربتهم لهم‏,‏ واضطهادهم إياهم‏,‏ ومطاردة الذين آمنوا بهم وبرسالاتهم في كل أرض‏.‏

(3)‏ الايمان بالوحي المنزل من الله تعالي علي فترة من الرسل والذي تكامل في بعثة النبي والرسول الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ والتأكيد علي وحدة رسالة السماء‏,‏ وعلي الأخوة بين الأنبياء‏,‏ وعلي اكتمال رسالاتهم جميعا في الرسالة الخاتمة التي بعث بها الرسول الخاتم صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين‏).‏

(4)‏ تثبيت النبي الخاتم والرسول الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ علي طريق الحق‏,‏ وتثبيت جميع المؤمنين برسالته من بعده إلي قيام الساعة علي هذا الطريق‏,‏ وتشجيعهم علي تحمل تبعات الدعوة الإسلامية ومسئولية التبليغ عن الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ وعن خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏

(5)‏ التأكيد علي أن الصراع بين الخير والشر‏,‏ والحق والباطل‏,‏ والهدي والضلال هو سنة من سنن الله في الخلق‏,‏ وحتمية من حتميات الوجود علي الأرض‏,‏ والتسليم بأن أغلب أهل الأرض ليسوا بمؤمنين إيمانا صحيحا بالله‏(‏ تعالي‏).‏

(6)‏ القناعة بحتمية نزول عذاب الله في الدنيا قبل الآخرة إذا كثر الخبث‏,‏ وانتشر الفساد في الأرض‏,‏ وعمت المظالم الناس‏.‏

(7)‏ تأكيد عناية الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالقلة المؤمنة وتجسيد تعهده بنصرهم‏,‏ والجزم بحتمية عقابه‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ للكثرة الفاجرة‏,‏ فمهما تضافرت جهود أهل الباطل‏,‏ ومهما بلغت امكاناتهم المادية فإن جند الله هم الغالبون‏,‏ ومهما تطاول أهل الباطل علي الحق وأهله‏,‏ وتجاوزوا كل الحدود في حربه فلابد من تنزل نصر الله الموعود علي القلة المؤمنة‏,‏ المجاهدة الصابرة‏,‏ المحتسبة بإذن الله‏.‏

(8)‏ النهي عن الشرك بالله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ نهيا قاطعا‏,‏ بكل أشكاله وصوره‏,‏ والتأكيد علي تنزيه الله‏(‏ جل وعلا‏)‏ عن الشريك والشبيه‏,‏ والمنازع‏,‏ والصاحبة‏,‏ والولد‏,‏ وعن كل وصف لايليق بجلاله‏,‏ والتحذير من عواقب الشرك الوخيمة في الدنيا قبل الآخرة‏.‏

(9)‏ التأكيد علي مسئولية الدعاة ومنها الصبر علي المدعوين‏,‏ والاستعداد للتضحية في سبيل تبليغ دعوة الله‏,‏ وانذار الخلق من مغبة مخالفة أوامره‏,‏ وتحمل نتائج ذلك‏,‏ وتأكيد ضرورة التوجه الي الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالدعاء في كل شدة‏,‏ وبالحمد والثناء في كل رخاء وسعة‏.‏

التوقيع: ليه الواحد ساعات يكون متضايق وتعبان

ليه ربنا اعطى البشر نعمة النسيان

علشان الكل يقوم من النوم مبسوط وفرحان

انسى الالم والحرمان وتمتع بنعم الرحمن

ان حسيت انك تعبان عليك بتلاوة القران***
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ترجون, وقاراً


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع