سويسري ينتقم من حظر المآذن

[سبايسى]

بعد قنبلة القذافي .. مواطن سويسري ينتقم من حظر المآذن

محيط - جهان مصطفى


ذعر سويسري من المقاطعة الإسلامية
في ذروة عاصفة الغضب التي انهالت على سويسرا من شتى أنحاء العالم وخاصة من قبل الزعيم الليبي معمر القذافي بسبب قرار حظر بناء المآذن ، ظهرت مفاجأة لم يتوقعها كثيرون عندما قام رجل أعمال سويسري غير مسلم ببناء مئذنة فوق مبنى مؤسسته الواقعة في بوسينيي بضاحية لوزان شرقي البلاد احتجاجا على نتيجة الاستفتاء الذي جرى في 29 نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي تقرير لها في 10 ديسمبر / كانون الأول ، نقلت صحيفة "القدس العربي" اللندنية عن رجل الأعمال جيوم موران الذي يدير سلسلة متاجر لبيع الأحذية في سويسرا قوله : " إنها لفضيحة أن يكون السويسريون قد صوتوا لصالح الحظر ، دعم أحزاب اليمين المتطرف عار لنا جميعا ".

وأضاف " وهذه المئذنة التي تبدو من بعيد وكأنها تعلو مسجدا تقوم على قاعدة حجرية بيضاء يعلوها برج دائري أبيض ذو نوافذ وفوقه قبة خشبية يعلوها هلال ذهبي اللون واكتمل بناؤها في 10 ديسمبر ".

وأكد موران أن تصويت السويسريين في 29 نوفمبر/تشرين الثاني بنسبة 57,5% لصالح حظر المآذن في سويسرا بناء على اقتراح تقدم به اليمين المتطرف تسبب بصدمة دفعته وهو غير مسلم إلى بناء هذه المئذنة احتجاجا على ما جرى وكذلك من إجل إرسال "رسالة سلام".

وتابع " لم يسبق لنا أن واجهنا مشاكل مع المسلمين في سويسرا ، الأحزاب السياسية هى المسئولة عما حدث لعدم قيامها بتحرك كاف ردا على مبادرة اليمين المتطرف ".

ذعر رجال الأعمال

التصريحات السابقة وإن كانت تثير الكثير من علامات الاستفهام لدى البعض إلا أنها تجد تفسيرها في حقيقة أشار إليها الزعيم الليبي معمر القذافي في خطاب ألقاه في 6 ديسمبر / كانون الأول عندما حذر من أن ما حدث في سويسرا سيطلق شرارة مقاطعة اقتصادية لذلك البلد كما ستجري مقاطعة الدول الأوروبية الأخرى التي تقوم بالأمر نفسه .

ويبدو أن تهديدات القذافي بالمقاطعة الاقتصادية لم تكن تنبع من فراغ ، فمعروف أن حملات عربية وإسلامية واسعة لمقاطعة منتجات دول أوروبية أساءت للإسلام كانت أدت في السابق إلى خسائر بمليارات الدولارات وخاصة بما يتعلق بالمنتجات الدانماركية بعد أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد وكذلك البضائع الهولندية بعد فيلم "فتنة" الذي أعده النائب اليميني المتطرف جيرت فيلدرز وزعم خلاله وجود صلة بين القرآن وما أسماه الإرهاب.

وأمام الحقيقة السابقة ، سيطرت حالة من الذعر على مجتمع الأعمال السويسري خشية المقاطعة الاقتصادية التي هدد بها القذافي ، حيث سارع جيرالد بورر رئيس رابطة الشركات السويسرية للتحذير من احتمال تعرض مصالح البلاد الاقتصادية للخطر وخسارة مليارات الدولارات بعد قرار حظر بناء المآذن .

ونقلت شبكة "سي ان ان" الإخبارية الأمريكية عن بورر القول إن البضائع السويسرية قد تتعرض لمقاطعة واسعة في الدول العربية والإسلامية كما قد تتراجع الحركة السياحية والنشاطات المصرفية التي يقوم بها الأثرياء العرب في سويسرا.

وأضاف بورر أن قرار حظر بناء المآذن يهدد قدرة الاقتصاد السويسري على المنافسة كما يضر بصورة البلاد المعروفة بتسامحها وانفتاحها ، مشيرا إلى أن الاقتصاد السويسري وخاصة قطاعات الصناعة والسياحة والمصارف باتت مهددة بقوة لأن التصدير إلى الدول التي تتواجد فيها غالبية مسلمة يشكل جزءاً مهماً من الصادرات الإجمالية السويسرية.

واختتم قائلا :" البضائع السويسرية المتوجهة إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا تبلغ قيمتها أكثر من 14.7 مليار دولار، كما أن المقاطعة ستضر بشركات تصنيع الأغذية والأدوية والساعات" .

استفتاء جديد

ولم يقف الأمر عند التصريحات السابقة ، بل إن تجمعات الأعمال والليبراليين تحركوا باتجاه إجراء استفتاء جديد حول السماح ببناء المآذن وجاء في بيان لمجموعة نادي هلفتيك التي تضم أكثر من 20 مفكرًَا سويسريا أنها بدأت تحركات لإلغاء الحظر الذي يعتبر عنصريا ومهددا لحيادية البلاد .

وفي السياق ذاته ، قال جورج مويلر وهو محام دستوري لصحيفة "زونتاج" السويسرية : " إن إجراء استفتاء جديد هو أكثر السبل ديمقراطية لإلغاء قرار الحظر"، مشيرا إلى أنه رفع دعوى تطعن في شرعيته أمام المحكمة الاتحادية.

ويبدو أن التحركات السابقة تكتسب يوما بعد يوم زخما شعبيا حيث خرج المئات من السويسريين للشوارع في زوريخ وبازل وبرن احتجاجا على قرار الحظر الذي وصفوه بأنه يمثل انتهاكا للدستور السويسري وحرية العبادة .

ولعل مسارعة الأمم المتحدة للتنديد بالحظر ووصفه بأنه تمييزي ويتعارض مع التزامات سويسرا بموجب القانون الدولي ، بالإضافة إلى قيام الحكومة الإيرانية باستدعاء السفير السويسري للتنديد بالخطوة السابقة ، هى أمور تدفع أيضا باتجاه إجراء استفتاء جديد