المتهم ليس بريئا حتي تثبت إدانته..!!

[هند محمد محمود]

المساء

فيصل شاه زاد:
المتهم ليس بريئا حتي تثبت إدانته..!!

رغم أن القاعدة الأساسية في عالم القانون تقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته فإن الصحافة الأمريكية بدأت تتحدث عن المواطن الباكستاني المولد.. الأمريكي الجنسية فيصل شاه زاد. وكأنه مدان فعلا في حادث السيارة الملغومة التي تقول الولايات المتحدة إن الشرطة الأمريكية عثرت عليها في ميدان التايمز الشهير في نيويورك وبها عبوة شديدة الانفجار كان يمكن أن تسبب كارثة لو انفجرت.
وحتي الآن لا تتوقف وسائل الإعلام الأمريكية بكافة أشكالها عن الإشادة بيقظة أجهزة الأمن الأمريكية التي نجحت في منع هذه الكارثة بفضل سرعة استجابتها عندما لاحظ بائع متجول دخانا يتصاعد من سيارة تقف أمام أحد المسارح بالميدان أثناء عرض المسرحية الموسيقية الشهيرة "الأسد الملك" وتوالت التطورات كما هو معروف بعد ذلك حتي انتهي الأمر إلي القبض علي شاه زاد بعد أن ركب الطائرة التي كانت في طريقها إلي دبي.
وامتلأت الصحف بالحديث عن القرائن التي تدين شاه زاد البالغ من العمر 30 عاما مثل العثور علي بعض المواد المستخدمة في تفخيخ السيارة وهي بعض الألعاب النارية وعبوتان من السماد عند تفتيش شقته ومنها كذلك إعلانه عن عرض بيته في بلدة شيلتون في ولاية كونكتكت التي يقيم فيها بسعر رخيص والذي برره باعتزامه الهجرة إلي ولاية ميسوري رغم أن هذا البيت كان موضعا لنزاع قضائي بسبب تخلفه عن سداد أقساطه.
وتمتليء الصحف بعد ذلك بتفاصيل عديدة عن حياة شاه زاد وكيف هاجر إلي الولايات المتحدة من باكستان قبل عشر سنوات وهو ابن اسرة كبيرة هناك ثم درس إدارة الأعمال في جامعة بريدج بورت وتخرج فيها وحصل منها علي الماجستير وعمل محللا في إحدي الشركات وتزوج من باكستانية وانجب منها طفلين ثم اشتري بيتا بقرض من البنك وترك عمله فجأة في يوليو من العام الماضي.
وسكن في شقة وتعثر في سداد القرض الذي اشتري به بيته وهناك دعوي قضائية لمصادرته كما ذكرنا.
وامتلأت الصحف كذلك بأحاديث مع جيرانه الذين أبدوا دهشتهم من أن يكون هذا الشخص المنطوي المنعزل الذي لم يكن يختلط كثيرا بجيرانه والذي عاش في الولايات المتحدة وتمتع بجو التسامح الأمريكي والديمقراطية هو نفسه الشخص الذي حاول أن يقتل عشرات أو مئات الأبرياء بهذه العبوة الناسفة التي كانت ستسبب كارثة ولفتت إحدي جاراته الأنظار إلي أن زوجته كانت ترتدي الحجاب وتزعم أنها لا تتحدث الإنجليزية وتتحدث بالإشارات أو عن طريقه ثم حدثت بعض المواقف التي كشفت أنها تتحدثها بطلاقة.
وتعرضت الصحف إلي أنه حصل علي الجنسية الأمريكية منذ عام واحد فقط وطالبت بالكشف عن المستندات الخاصة بحصوله علي الجنسية رغم أن القانون لا يجيز ذلك إلا بحكم قضائي وتعرضت الصحف لأخطاء عديدة وقع فيها شاه زاد جعلت الإيقاع به أمرا سهلا وعن شركاء محتملين له تم القبض علي بعضهم.
ومع هذا الفيضان من المعلومات والتحليلات والتساؤلات التي تمتليء بها الصحافة الأمريكية تصبح الحاجة ماسة إلي قراءة ما بين السطور. فالأمر لا يخرج عن احتمالين لا ثالث لهما.. الأول أن يكون الأمر لعبة من أجهزة الأمن الأمريكية لضرب عدة عصافير بحجر واحد فهي تسعي لتبرير اعتدائها علي الحريات الشخصية للمواطنين والتي تتصاعد بشكل خطير من 11 سبتمبر وبديهي أنه تم اختيار ضحية من المسلمين لأنهم الهدف الأساسي لهذا الاعتداء علي الحريات الشخصية ويمكن أن تكون الإساءة إلي صورة الإسلام والمسلمين هدفا لذلك وربما يؤكد هذا الظن أن رجال الشرطة والبحث الجنائي كان لديهم وقت كاف لفحص الدخان المتصاعد من السيارة بآلات تصوير حرارية تأكدوا من خلالها أنه دخان غير عادي كما اتخذوا قرارا بعدم استخدام الماء في وقف هذا الدخان واللجوء إلي أساليب أخري لفتح السيارة رغم مخاطر ذلك حسبما زعم المسئولون وماذا لو انفجرت أثناء محاولة فتحها وكان هدفهم ألا يفسد الماء أي أدلة يمكن الحصول عليها من فحص السيارة.
والاحتمال الثاني أن يكون الأمر حقيقيا وهو ما ندينه بكل تأكيد وفي هذه الحالة يتعين عدم استبعاد أن هذا الشخص قد حاول الانتقام بهذا الأسلوب للجرائم التي ترتكبها الولايات المتحدة في حق بلاده وعشرات الأبرياء من مواطنيه الذين يلقون مصرعهم كل يوم في الغارات الأمريكية علي الحدود مع أفغانستان.