عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-01-2010, 10:35 PM
نور الهداية نور الهداية غير متواجد حالياً
عضو
 

Post بالصورلفظ الجلاله على يد الانسان !!


تتحرك مفاصل أصابع يد وقدم الإنسان والحيوان إحدى حركتين متعاكستين فهي يمكن مدها ( بسطها ) أو قبضها ( ثنيها ) ، إلا إبهام يد الإنسان الذي يتفرد عن أصابع قدمه وأصابع الحيوان إذ أنه يتميز بحركة ثالثة تسمى بالتقابل ، فإن إبهام اليد ، وكما هو معلوم ، يمكن تحركيه حتى يقابل الأصابع الأخرى ، وهي حركة تميز يد الإنسان بمنافع كثيرة ، وتسمى اليد التي تفتقد هذه الحركة ، بسبب مرض في العصب الذي يغذي عظمتها ، بيد القرد .

أما الخنصر ، وهو أول الأصابع ، فهو أصغرها ، فكأنه منفصل عنها ، كما أن محل اتصاله باليد منخفض عن مثيلاته لبقية الأصابع ، وتليه ثلاثة أصابع هي البنصر والسبابة وبينهما الوسطى ، وهي أطولها ، بينما طول البنصر والسبابة هو واحد تقريباً ، فكأن هذه الأصابع تتفرد عن بقية الأصابع بشكل ونسق خاص .

أما الإبهام فهو منفصل عن مجموعة الأصابع الأربعة الأولى في مكانه ، وهو متميز عنها بشكل خاص بالإضافة إلى ما قد ذكرناه من حركة إضافية خاصة به .

ولو تمعنا في شكل يد أصابع البد اليمنى في ظاهرها لاكتشفنا بأن هذه الأصابع ، ويا للدهشة ، ترسم في شكلها اسم الجلالة ( الله ) .

فالخنصر ، وهو قد ذكرنا تفرده بالصغر وانخفاض أصل نشوئه عن اليد ، يرسم حرف ( الألف ) .
والبنصر والوسطى يرسمان حرفي ( لام + لام ) .

والسبابة مع الإبهام منحنياً نحو اليد يرسم حرف ( هاء ) .

فاليد ، ذلك العضو الكريم للإنسان ، والله تعالى ميزه بها متفرداً عن سائر المخلوقات ، والتي هي أداته التنفيذية التي يعمل بها كل شيء يريده ، فهي محل انتقال الإرادة إلى فعل ، والنية الباطنة إلى الفعل الظاهر الذي يحاسب عليه ، هذه اليد التي يخوض بها معمعة الحياة ، والتي يكتسب بها معاشه ، ويقضي حوائجه ، والتي يكتب بها متميزاً عن سائر المخلوقات ، والتي خطه بها يميزه عن كل كاتب سواه ، والتي بنانها يميزه عن سائر الخلق ، بشكل متفرد لا يتكرر ، واليد التي يرفعها العبد المؤمن بالتكبير في كل صلاة .. هذه اليد ، قد غفل الإنسان عن سرها المنيع إذ هي تسجل اسم ( الله ) تعالى ، خالقها ، نفسه ، فهي ترسم ، وبدقة بالغة اسمه سبحانه .

ولئن صار خلق البنان معروفاً بدلالته على خالقه سبحانه في تميزه وتفرده ، وهو ما قد أشار إليه سبحانه في قوله ( بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) ، فإنه ليس من الغريب ، بل أن من المتوقع تماماً ، أن نجد آيات أخرى في جسم الإنسان ، وخصوصاً في يده ، آيات تدل على خالقها وبارئها .

وكلمة (اليد ) هي عنوان على كل ما يصدر من الإنسان من أفعال ، وعلى قوته ، بل وعنوان على إرادته من خير أو شر ، مثلما هو اللسان عنوان على ما يصدر من الإنسان من أقوال . قال تعالى : ( . . ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء . . ) ( الممتحنة : 2 ) .

والمسلم في صلواته اليومية الخمس يرفع يديه بالأذان وفي الصلاة بالتكبير بقوله : ( الله أكبر ) . واليد اليمين ، يرفعها صاحبها بالتكبير ، وظهرها مواجه له ، ترسم له ، وهو ينظر إليها اسم الله تعالى . بينما يده اليسار ، وظهرها مواجهة له أيضاً لا ترسم هذا اللفظ . ومن المعلوم أن الاعتدال عند المسلم هو بجته اليمين ، لا اليسار .

فالأولى مقدمة على الثانية ، وهي مخصصة لكل الأعمال الشريفة ، بينما أن الثانية تقود بما هو دون ذلك من حاجات الإنسان .

وبينما ترسم اليد اليمنى بالنسبة إلى المكبر اسم الجلالة ، فإن يده اليسرى ، بالنسبة إلى الناظر إليها تقع في جهته اليمين ، وهي تعود في هذه الحالة لترسم اسم الجلالة مرة أخرى .

وإن الإنسان وهو يرفع يده بالتكبير فهو يكبر بلسانه ، أي بلسان المقال كما أنه يكبر بيديه أي بلسان الحال .

أي أن لفظ الجلالة الذي ترسمه اليدان عند الأذان يقع ، في جميع الأحوال ، على جهة اليمين ، ولا يقع على يسار .

يستوي في ذلك الناظر لليد واليد المنظور إليها .

ولاحظ إن إبهام أصابع القدم يفتقد لمثل حركة وشكل إبهام اليد ، وهذا لا يرسم هذا الرسم ولا يؤدي هذا المعنى الذي تتميز به اليد ، و اليد اليمنى حصراً .

( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم ) ( الفتح : 10 ) .

قال الشيخ حسنين مخلوف في تفسيره لهذه الآية : ( مذهب السلف في هذه الآية ونظائرها من آيات الصفات أنه يجب الإيمان بها وتفويض علم معناها المراد منها إلى الله تعالى ، وترك تأويلها مع تنزيهه تعالى عن حقيقتها ، لاستحالة مشابته تعالى للحوادث ، قال تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) . والخلف يؤولون اليد بالقوة ، أي قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم ، كما يقال : اليد لفلان ، أي الغلبة والنصرة والقوة له ) .

أما الشيخ مغنية في تفسيره المبين فقد قال : ( إن يد محمد صلى الله عليه وسلم في قداستها يد الله ، ومبايعته على وجه العموم مبايعة الله ) .

وأقول : قد يكون في الآية أشارة ، لم يلتفت إليها من قبل ، في دلالة يد الإنسان على صنع الخالق فيه . فالآية تقول : إن من يبايعك يا محمد صلى الله عليه وسلم إنما هو مبايع لله تعالى في حقيقة الأمر وهو ناصركم بقوته وقدرته ونصرته ، لا بل حتى أن اسم الله تعالى في حقيقته مرسوم على أياديهم شاهداً على حقيقة الخالق القادر سبحانه .

ولقد صدق الشاعر إذ يقول :

أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر

ولقد رأيت في أحدى الصحف سؤالا عن رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وفائدة الرفع ، فكان جواب الصحيفة على سؤاله : ( بأن لعل الحكمة في رفع اليدين عند التكبير هي إيقاظ شعور المصلي وحفز همته وتنشيط جسمه والله أعلم ) .

وأقول : قد يكون هذا التفسير صحيحاً ، لكنه قاصر عن شرح الحكمة والعلة في هذه الشعيرة العظيمة التي تفتتح بها كل صلاة ، بل وتتكرر في أثناء الصلاة مرات عديدة ، وهو الأمر الذي يؤدي بنا إلى الاعتقاد بأنه تفسير غير كاف .

إننا وكما نقول بألسنتنا : ( الله أكبر ) فإن أيدينا تقول معنا : ( الله أكبر ) أيضاً ، إذ أن فيهما كلمة الله تعالى ، دليلاً وأي دليل ، وإشارة وأي إشارة يحملها الإنسان معه حيث سار ، يحملها طوعاً أو كراهية ! وسواءً أكان مؤمناً أم كافراً . فقولك ( الله أكبر ) بفيك تصدقه يداك ترفعهما باسم الجلالة عليهما . ثم أن اليدين في وضع التكبير إنما تنطقان بحقيقة ( الله أكبر ) وهما مع الإنسان مرفوعتين أو مسبلتين أو على جنبي رأسه عند السجود بل وكل حين !

وإن يد الله، أي قدرته وصنعته فوق أيدي الناس . وكل شيء يؤديه الإنسان إنما يكون بيديه ويد الخالق سبحانه من فوق يديه ، إذ بقدرته وحدها تعمل يد الإنسان ، ويد الإنسان هي إعلان عن خلق الرحمن ، فتبارك الله أحسن الخالقين
رد مع اقتباس